فإن كذبه في المقدار، مثل أن يقر بدينار فيقول المقر له: لي أكثر، فيكون مدعيا لما زاد له على الدينار، ويكون القول في ذلك قول المقر مع يمينه فإن حلف أسقط دعواه وإن نكل رد اليمين على المقر له فيحلف على ما يدعيه من المقدار ويثبت له ذلك.
وأما إذا كذبه في الجنس، مثل أن يفسر المقر إقراره بدراهم، فيقول المقر له:
لي عليه دنانير، فإنه يبطل إقراره بالدراهم لأنه أقر بما لا يدعيه وهو مدع للدنانير عليه فيكون القول قوله، فإذا حلف سقطت الدعوى وإن نكل ردت اليمين على المدعي وحلف وثبت له ما يدعيه، هذا إذا فسره بما يتمول في العادة.
فأما إذا فسره بما لا يتمول في العادة مثل أن يقول: له عندي قشر فستقة أو جوزة أو لوزة أو قمع باذنجانة أو ما أشبه ذلك، لم يقبل تفسيره به وطولب بتفسير إقراره بشئ آخر لأنه أقر بلفظ الالتزام والذي فسر به جرت العادة بأنه لا يتمول مثله ولا يجب لأحد على أحد، وأما إذا فسره بما لا يتملك نظر: فإن فسره بخمر أو خنزير أو دم أو ميتة لم يقبل ذلك منه، لأنه مما لا يملك ولا ينتفع به بحال ولفظة الإقرار لفظة الالتزام، والخمر والميتة لا يلزم أحد على أحد.
وإن فسره بكلب أو سرجين قيل فيه قولان: أحدهما لا يقبل تفسيره لأنهما لا يملكان، والثاني أنه يقبل، وهو الصحيح، لأن الكلب والسرجين ينتفع بهما ويجب ردهما على من غصبا منه، وعندنا أنه إن كان إقرارا بكلب الصيد أو الماشية أو سرجين ما يؤكل لحمه، فإنه يملك، وما عدا هذين لا يملك بحال، وإذا فسره بجلد الميتة فعلى الوجهين، وعندنا لا يقبل منه لأنه لا يطهر عندنا بالدباغ.
فأما إذا فسره بحد القذف قيل فيه وجهان: أحدهما يقبل تفسيره، لأنه حق لآدمي، والثاني أنه لا يقبل لأنه لا يؤول إلى مال بحال.
وأما إن فسره بحق الشفعة قبل لأنه يؤول إلى مال، وإن فسره برد السلام أو بجواب كتاب كتبه لم يقبل ذلك منه لأن ذلك لا يثبت عليه في ذمته حتى يكون لازما له، ولفظ الإقرار يقتضي اللزوم فلا يقبل في تفسيره بما لا يكون لازما