وبه قال أبو حنيفة والشافعي ومالك وأكثر الفقهاء إلا الحسن البصري فإنه قال: لا تصير المؤجلة حالة بالموت، فأما إذا كانت له ديون مؤجلة فلا تحل بموته بلا خلاف إلا رواية شاذة رواها أصحابنا أنها تصير حالة ثم قال: دليلنا على بطلان مذهب الحسن إجماع الفرقة بل إجماع المسلمين لأن خلافه قد انقرض وهو واحد لا يعتد به لشذوذه.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: والذي ذكره شيخنا في مسائل الخلاف هو الصحيح وبه أفتى وأعمل لأن به تشهد الأدلة القاهرة، وما ذكره رحمه الله في نهايته فهو خبر شاذ من أخبار الآحاد وأخبار الآحاد لا يجوز العمل بها، وقد شهد بذلك شيخنا في مسائل الخلاف وقال: إلا رواية شاذة رواها أصحابنا أنه تصير حالة، فلو كان رحمه الله عاملا بأخبار الآحاد لما قال ذلك ولا ساع له ترك العمل بالرواية وبخبر الواحد، فكل من قال عنه أنه كان يعمل بأخبار الآحاد فهو محجوج بقوله هذا، وجميع ما يورده ويذكره في نهايته مما لا تشهد بصحته الأدلة فهي أخبار آحاد يوردها كما أورد هذه الرواية، فلا يظن ظان أنه إذا قال: روى أصحابنا أو رواية أصحابنا، إن جميع الإمامية روت ذلك وتواترت به وأجمعت عليه، وإنما مراده رحمه الله أن هذا القول والرواية من جهة أصحابنا وراويها منهم لا من رواية مخالفيهم فهذا مقصوده ومراده رحمه الله، فلا يتوهم عليه غير ذلك فيغلظ عليه ويعتقد أن جميع ما يورده ويطلقه في نهايته اعتقاده وحق وصواب عنده.
ومن مات وعليه ديون لجماعة من الناس تحاصوا ما وجد من تركته بمقدار ديونهم ولم يفضل بعضهم على بعض، فإن وجد واحد منهم متاعه بعينه عنده وكان للميت مال يقضى ديون الباقين عنه رد عليه بغير نمائه المنفصل عنه كالحمل ولم يحاصه باقي الغرماء، وإن لم يخلف وفاء لديون الباقين كان صاحبه وباقي الغرماء فيه سواء.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: وكذلك لو كان حيا والتوى على غرمائه - ومعنى التوى دافع وماطل - رد عليه ماله ولم يحاصه باقي الغرماء.
قال محمد بن إدريس مصنف هذا الكتاب: حكم الحي هاهنا بخلاف حكم الميت، لأن الحي من وجد عين متاعه أخذه بعينه دون نمائه المنفصل ولم يحاصه باقي الغرماء سواء بقي له بعد