ويخص ما ورد من الأخبار بذلك لأن العموم قد يخص بالأدلة، فهذا تحرير القول في هذه الفتيا فليتأمل وليفهم عنا ما قلناه فإن فيه غموضا والتباسا على غير المحصل لهذا الشأن.
وإن لم يحلفه غير أنه لم يتمكن من أخذه منه ووقع له عنده مال جاز له أن يأخذ حقه منه من غير زيادة عليه إن كان من جنس ماله ومثلا له، وإن كان من غير جنسه فله أن يقومه على نفسه بالقيمة العدل ويأخذه، وإن كان ما وقع عنده على سبيل الوديعة جاز له أيضا أخذه منها.
وقال شيخنا أبو جعفر في نهايته: لم يجز له ذلك ولا يخون فيها، إلا أنه رجع عن هذا القول في كتابه الاستبصار وقال بما اخترناه وقال: أحمل الخبر على الكراهة دون الحظر، ونعم ما قال لأنه إذا أخذ ما له فما تعدى ولا ظلم ولا خان، والشارع نهى عن إضاعة المال، وقال تعالى: ما على المحسنين من سبيل، وهذا محسن لا مسئ.
ومن وجب عليه دين وغاب عنه صاحبه غيبة لم يقدر عليه معها وجب عليه أن ينوي قضاءه، على ما قدمناه، فإن حضرته الوفاة سلمه إلى من يثق بديانته وجعله وصيه في تسليمه إلى صاحبه، فإن مات من له الدين سلمه إلى ورثته، فإن لم يعلم له وارثا اجتهد في طلبه فإن لم يجده سلمه إلى الحاكم، فإن قطع على أنه لا وارث له كان لإمام المسلمين، وقد روي: أنه إذا لم يظفر بوارث له تصدق به عنه وليس عليه شئ.
أورد ذلك شيخنا أبو جعفر في نهايته من طريق الخبر إيرادا لا اعتقادا لأن الصدقة لا دليل عليها من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع بل الاجماع والأصول المقررة لمذهبنا تشهد بأن الإمام يستحق ميراث من لا وارث له.
وقال شيخنا أيضا في نهايته في صدر السؤال: ومن وجب عليه دين وغاب عنه صاحبه غيبة لم يقدر عليه معها وجب عليه أن ينوي قضاءه ويعزل ماله من ملكه، وهذا غير واجب أعني عزل المال بغير خلاف بين المسلمين فضلا عن طائفتنا.
وإذا استدانت المرأة على زوجها وهو غائب عنها فأنفقته بالمعروف وجب عليه القضاء عنها، فإن كان زائدا على المعروف لم يكن عليه قضاؤه.