ورثته، فإن لم يفعل وأقر أن عنده رهنا كانت عليه البينة أنه رهن، فإن لم يكن معه بينه كان على الورثة اليمين أنهم لا يعلمون أن له عليه شيئا، ووجب عليه رد الشئ الذي يدعيه رهنا إلى الورثة.
لا يجوز أخذ الرهن من العاقلة على الدية إلا بعد حؤول الحول، فأما قبله فلا يجوز وعندنا تستأدى منهم في ثلاث سنين، وأما بعد حؤول الحول فإنه يجوز لأنه يثبت قسط منها في ذمتهم، فأما الجعالة فلا يجوز أخذ الرهن فيها إلا بعد الرد.
وإذا استأجر رجلا إجارة متعلقة بعينه، مثل أن يستأجره ليخدمه أو ليتولى له عملا من الأعمال بنفسه لم يجز أخذ الرهن عليه لأن الرهن إنما يجوز على حق ثابت في ذمته، وهذا غير ثابت في ذمة الأجير وإنما هو متعلق بعينه ولا يقوم عمل غيره مقام فعله، وإن استأجره على عمل في ذمته وهو أن يحصل له عملا مثل خياطة أو غير ذلك جاز أخذ الرهن به لأن ذلك ثابت في ذمته لا يتعلق بعينه وله أن يحصله بنفسه أو بغيره، فإذا هرب جاز بيع الرهن واستئجار غيره بذلك ليحصل ذلك العمل.
إذا رهن رجل عند غيره شيئا بدين إلى شهر على أنه إن لم يقض إلى محله كان مبيعا منه بالدين الذي عليه، لم يصح الرهن ولا البيع إجماعا لأن الرهن مؤقت والمبيع متعلق بزمان مستقبل.
هكذا ذكره شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في مبسوطه، وهو صحيح والأدلة على صحته ما قدمناه نحن في هذا الباب من قوله ع المجمع عليه: لا يغلق الرهن، وما أوردناه من تفاسيره وأقوال العلماء من الفقهاء وأصحاب الغريب من اللغويين وبيت زهير بن أبي سلمى المزني وأيضا بيت كثير الذي في قصيدته اللامية:
غمر الرداء إذا تبسم ضاحكا غلقت لضحكته رقاب المال يعني أنه إذا ضحك وهب وأعطى الأموال وأخرجها عن يده وصارت لغيره فلا يقدر على ارتجاعها ولا فكاكها، وهذا معنى قول الشاعر الآخر: فأمسى الرهن قد غلقا، معناه أنه لا يقدر على فكاك قلبه من محبة هذه المرأة.