قال الهروي صاحب الغريبين في الحديث: لا يغلق الرهن أي لا يستحقه مرتهنه إذا لم يؤد الراهن ما رهنه فيه وكان هذا من أفعال الجاهلية فأبطله الاسلام، إلى هاهنا كلام الهروي. وقال الجوهري في كتاب الصحاح: غلق الرهن غلقا إذا استحقه المرتهن وذلك إذا لم يفتك في الوقت المشروط، وفي الحديث: لا يغلق الرهن. قال زهير:
وفارقتك برهن لا فكاك له يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا ويحتج على المخالف بقوله ع: الخراج بالضمان، وخراجه إذا كان للراهن بلا خلاف وجب أن يكون من ضمانه، ولا يعارض ذلك ما رووه: من أن رجلا رهن فرسه عند انسان فنفق، فسأل المرتهن النبي ع عن ذلك فقال: ذهب حقك، لأن المراد بذلك ذهب حقك من الوثيقة لا من الدين وقلنا ذلك لوجهين:
أحدهما: أنه وحد الحق ولو أراد ذهاب الدين والوثيقة معا لقال: ذهب حقاك.
والثاني: أن الدين إنما يسقط عند المخالف إذا كان مثل قيمة الرهن أو أقل ولا تسقط الزيادة منه إذا كان أكثر، فلو أراد ذهاب حقه من الدين لاستفهم عن مبلغه وفصل في الجواب، وقولهم:
سقوط الحق من الوثيقة معلوم بالشاهد فلا فائدة في بيانه غير صحيح، لأن تلف الرهن لا يسقط حق المرتهن من الوثيقة على كل حال، بل إذا أتلفه الراهن أو أتلفه أجنبي فإن القيمة تؤخذ وتجعل رهنا مكانه، فأراد ع أن يبين أن الرهن إذا تلف من غير جناية سقط حق الوثيقة وإذا ادعى المرتهن هلاك الرهن كان القول قوله مع يمينه سواء ادعى ذلك بأمر ظاهر أو خفي، والدليل عليه إجماع أصحابنا بغير خلاف بينهم.
وأيضا فقد بينا أنه أمانة في يده فإذا كان كذلك فالقول قوله في هلاكه.
وإذا اختلف الراهن والمرتهن في الاحتياط والتفريط وفقدت البينات فالقول قول المرتهن أيضا مع يمينه، وإذا اختلفا في مبلغ الرهن أو في مقدار قيمته بعد الإقرار من المرتهن بالتفريط أو إقامة البينة عليه بذلك، فالقول قول المرتهن أيضا في ذلك على الصحيح من المذهب لأنه غارم ومدعى عليه، ولا خلاف أن القول قول الجاحد المنكر المدعى عليه إذا عدم المدعي البينة، وقال بعض أصحابنا: القول قول الراهن في ذلك، وهذا مخالف لما عليه