وأما الاختيار فلا بد من اعتباره في الاقرار نعم ما دام لم تكن أمارة على الاكراه مقتضى الأصل كون الاقرار بالاختيار، فمع الضرب لا مجال للأصل كما لو ضرب على البيع والشراء وأما صورة رد العين بدون الاقرار بالسرقة فمع احتمال الشبهة لمن رد العين لا وجه للقطع لعدم الاقرار ولا شهادة الشهود ومع الاقرار بالسرقة تحتم القطع مع تحقق الشرائط ولا يسقط بالانكار لأن الاقرار نافذ، ويدل عليه صحيحا الحلبي ومحمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام (إذا أقر الرجل على نفسه أنه سرق ثم جهد فاقطعه وارغم أنفه - الحديث) (1) مؤيدين بخبر سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام (من أخذ سارقا فعفا عنه فذاك له فإذا رفع إلى الإمام وقطعه، فإن قال الذي سرق منه: أنا واهبه لم يدعه الإمام عليه السلام حتى يقطعه إذا رفعه إليه وإنما الهبة قبل أن يرفع إلى الإمام وذلك قول الله عز وجل (الحافظين لحدود الله) فإذا انتهى إلى الإمام عليه السلام فليس لأحد أن يتركه) (2).
وعن جماعة القول بسقوط الحد بل قيل: لعله الأشهر بين القدماء بل عن الفقيه الاجماع عليه لمرسل جميل السابق (لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين فإن رجع ضمن السرقة ولم يقطع إذا لم يكن شهود) وعن الخلاف و موضع من النهاية تخير الإمام بين قطعه والعفو عنه مدعيا عليه في الأول الاجماع عليه لخبر طلحة بن زيد عن الصادق عليه السلام (حدثني بعض أهلي أن شابا أتي أمير المؤمنين صلوت الله عليه أقر عنده بالسرقة فقال عليه السلام له: إني أراك شابا لا بأس بهبتك فهل تقرأ شيئا من القرآن؟ قال: نعم سورة البقرة، فقال:
وهبت يدك لسورة البقرة، قال: وإنما منعه أن يقطعه لأنه لم تقم عليه بينة) (3).