الوجوب من أخبار الباب والحمل على الشأنية حيث قال بعد حمل الأوامر الواردة على الوجوب إلا أن يقال: إن الظاهر من بعض التعبيرات الواردة في الأخبار مثل قوله عليه السلام في صحيحة زرارة (بلغ بأطراف أصابعك عين الركبة) (1) ومثل قوله عليه السلام في صحيحته الأخرى (فإن وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك - الخ) (2) أنها في مقام بيان حد انحناء الركوع كما لا يخفى على من نظر في أمثال هذه التعبيرات، فمحل تأمل من جهة أنه بعد حمل الأوامر الواردة على الوجوب وحمل الاجزاء على الاجزاء عما هو واجب لم يظهر وجه لرفع اليد عن فعلية العنوان أعني الوصول الفعلي والحمل على التمكن والشأنية لأنه خلاف الظاهر، ولا ننكر حسن التعبير إلا أنه خلاف الظاهر فالعمدة منع الظهور لأن ما اشتمل من الأخبار على الأمر لا ظهور له في الوجوب بقرينة ذكر المستحب فيه وما اشتمل على الاجزاء فقد عرفت التأمل في دلالته على الوجوب.
(ولو عجز اقتصر على الممكن) الظاهر عدم الخلاف في لزوم ما تمكن منه لكن الاشكال من جهة أن المدرك ظاهرا هو قاعدة الميسور والتمسك بها مشكل في المقام لاحتمال مدخلية الحد المخصوص في حقيقة الركوع فما دونه من الانحناء يكون مقدمة وجريان قاعدة الميسور مبني على صدق المفهوم وعدم التمكن من بعض القيود، وأجيب عن هذا الاشكال بأن المدار في جريان القاعدة على كون الشئ ذا مراتب بنظر العرف بحيث يعد المأتي به لدى العرف نحوا من أنحاء وجودات تلك الطبيعة التي تعلق بها الطلب ولو بنحو المسامحة العرفية فما نحن فيه من أظهر مجاريها بل الظاهر كون الانحناء الغير البالغ إلى الحد المعتبر شرعا مصداقا للركوع العرفي من غير مسامحة خصوصا بالنسبة إلى غير القادر من زيادة الانحناء فيمكن أن يستدل له باطلاقات أدلة الركوع مقتصرا في تقييدها إلى القادر لا مطلقا ويمكن أن يقال: أما ما أفيد من جعل المدار على كون الشئ ذا مراتب فيشكل بأنه قد يتمسك بالقاعدة في بعض