للمبادرات الفكرية الحرة. وقد أدى تكرار ظاهرة التكفير في التاريخ الإسلامي إلى نتائج عدة من بينها شل كل محاولة من أجل التجاوب مع المتغيرات في العالم المحيط بدولة الإسلام، ومن أجل مواجهة التحديات الجديدة وميل المثقفين إلى التماس السلامة بالتزام الصمت أو التزام ما يمليه المتطرفون " ويتساءل: " ألم يكفر هؤلاء القوم شارب القهوة في القرن السادس عشر، وحكموا بهدم المقاهي في أرجاء الدولة العثمانية وبجلد من يرى وهو يحتسيها؟.
ألم يكفروا اختراع الطباعة فظل استخدامها محرما في أقطار الدولة العثمانية حتى أفتى شيخ الإسلام بإجازتها بعد نحو ثلاثة قرون كانت أوروبا قد أفلحت خلالها - ربما بفضل الاختراع نفسه - في أن تسبق العالم الإسلامي في مضمار الحضارة؟ فلنسألهم إذن متى كانوا على طريق الهداية والصواب، ومن أعطاهم ذلك الحق وقال إنه وقف عليهم "؟.
ويرى الدكتور أحمد شلبي أستاذ التاريخ الإسلامي: " إنه لا يوجد من يملك استعمال كلمة التكفير إلا من أعلن صراحة كفره. أما دون ذلك فإن سبيل المناقشة الفكرية هي الطريق الوحيد للإقناع والتحاور. فمن قال لا إله إلا الله ليس لنا أبدا أن نكفره. فاستعمال التكفير نوع من الارهاب الفكري نرفضه علما، ما دام من يحاورنا يستعمل العلم في حججه فيكون الرد عليه بالعلم أيضا (135).