مذهب السلف، وأما المشبهة فلا يقولون بالتفويض، بل يحملون على الاستقرار والجلوس والحركة ونحوها مما هو شأن الأجسام تعالى الله عن خيالات الوثنية.
والخلف يخرجونها على معان لا تنافي التنزيه على طبق استعمالات العرب، من غير تحكم على مراد الله تعالى، فالسلف والخلف متفقون على التنزيه والبعد عن التشبيه (16).
أما ابن حزم وهو ممن يتكلم باسم السلف فيرى " أن معنى قوله تعالى * (على العرش استوى) * أنه فعل فعله في العرش وهو انتهاء خلقه إليه، فليس بعد العرش شئ " (17).
وهنا تجدر الإشارة إلى أن ابن تيمية وغيره من السلفيين المعاصرين الذين يعتقدون بالاستواء حقيقة، يستشهدون بقول الإمام مالك بن أنس: حيث سئل عن الاستواء، فرد " الاستواء معلوم والكيف مجهول؟ " إلا أن أهل السنة يرفضون هذه العبارة وما يمكن أن تشير إليه من معنى. فقد روى اللالكائي في شرح السنة بالسند أن الإمام قال في جوابه: " الاستواء مذكور، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة " إلى آخره. فمن رواه " الاستواء معلوم والكيف مجهول " ينبغي أن ترد روايته إلى هذا المعنى، يعني الاستواء معلوم الورود في الكتاب، فيرجع إلى قوله في الرواية السابقة " الاستواء مذكور " وقوله: والكيف مجهول. أي لا تعلم له ماهية بالمعنى المتعارف، ولا يعقل له وجود فيما يتعلق بجناب الحق جل وعلا.. " (18).
أما السلفية فسر اختيارهم لرواية " الاستواء معلوم والكيف مجهول " فلأنهم