الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف " (9) يبدأ ابن جرير الطبري بقوله وهو يفسر الآية * (وسع كرسيه السماوات والأرض) * " اختلف أهل التأويل في معنى الكرسي فقال بعضهم هو علم الله تعالى ذكره (10). ثم يذكر تأويل ابن عباس، بعد ذلك يعرض لأحاديث الحشوية التي ترى أن الكرسي هو موضع القدمين من العرش، أو هو العرش ذاته الذي يجلس عليه الله سبحانه وتعالى، وقد مر معنا في البحوث السابقة ذكر أحاديثهم في ذلك.
ويستمر الطبري في عرض مجمل التأويل لآيات الصفات. يقول مثلا في قوله تعالى * (وهو العلي العظيم) * قال بعضهم: يعني بذلك: وهو العلي عن النظير والأشباه. وأنكروا أن يكون معنى ذلك هو العلي المكان. وقالوا غير جائز أن يخلو منه مكان، ولا معنى لوصفه بعلو المكان، لأن ذلك وصفه بأنه في مكان دون مكان (11).
وإذا كان ابن تيمية يصف تفسير الطبري بأنه لا يروي عن المتهمين وأنه يخلو من البدعة. فإنه يرى بأن تفسير ابن عطية من أرجح التفاسير. فماذا يقول ابن عطية في تفسيره: " أثبت ابن عطية ما نقلناه عن الطبري من تفسير ابن عباس للكرسي، وتفسير (العلي)، ثم قال في أخبار الحشوية التي رواها الطبري بعد هذا، وبها تمسك ابن تيمية، قال ابن عطية ما نصه: هذه أقوال جهلة مجسمين، وكان الواجب أن لا تحكى! (12).
وهذا التناقض هو الذي دفع العلامة الشيخ يوسف الدجوي إلى القول:
" ومن عجيب أمر هذا الرجل أنه إذا ابتدع شيئا حكى عليه إجماع الأولين