الضربة القاضية للفكر المتنور الذي انطلق مع بدايات هذه القرن، وكان فعلا المؤسس الحقيقي لهذه الصحوة الإسلامية، التي أصبحت وكأنها لا تراوح مكانها.
ولقد أصاب الدكتور علي شريعتي عندما قال: " إن مجتمعا وضيعا غير واع، حتى وإن كان له دين متطور راق فإنه لن يتمكن من الرقي، بل يحط من مستوى دينه الراقي. ويضعه في قوالبه الملوثة الضيقة ويمسخه... ولهذا يضيف شريعتي، عندما خطب السيد جمال الدين الأفغاني في فرنسا في " كوليج دو فرانس " وتحدث عن الإسلام بالمستوى السامي الذي كان يفهمه هو تعجب " أرنست رينان "، تعجب من معنى الدين بشكل عجيب. ثم جاء واعترف اعترافه المشهور: " الإسلام دين الإنسان، وإني قد فهمت الآن إن قيمة كل دين ترتبط بقيمة شعور وإدراك أتباع ذلك الدين (179)...
إن مفكري الصحوة الذين لم يتغذوا على الفكر السلفي كانوا قد وضعوا الأسس الاستراتيجية للنهوض الإسلامي العام في جميع الميادين، وعلى كل المستويات، وبدأ التطبيق والممارسة بخطا واعدة. ولولا خروج الفكر السلفي من صحراء الجزيرة العربية ومحاولته ابتلاع الساحة الإسلامية وأبنائها بالمال والأساليب أخرى ماكرة. لكان لهذه الصحوة اليوم شأن آخر. ولكانت قد خطت خطوات مهمة في سبيل أقامت صرح الحضارة الإسلامية. أما ما نشاهده اليوم فإنه يدعو للأسى والخيبة وربما اليأس في بعض الأحيان. لأن لا مجال لإعادة الوحدة الاجتماعية داخل الوطن الإسلامي، وقد انتشرت موجة التكفير.