" التقصير في الصلاة بريدان، أو بريد ذاهبا وجائيا " (1) فإن التقابل يقتضي كون البريدين امتداديين لا جامعا بين الأمرين، فإنه لا تقابل بين الكلي وفرده. مضافا إلى أن " الثمانية فراسخ " ظاهره في هذه المرتبة من العدد حقيقة بين المبدء والمقصد، ففرض المبدء تارة مبدأ، وأخرى مقصدا، ولا يوجب أن يكون بينهما ثمانية فراسخ إلا بالاعتبار لا بالحقيقة، مثلا بين النجف وكربلاء اثنا عشر فرسخا سواء لوحظ المبدء من النجف أو من كربلاء، وفرض النجف تارة مبدءا وأخرى منتهى لا يوجب أن يكون ما بين البلدين أربعة وعشرين فرسخا " وعليه فإذا أضيف إلى هذا العدد شئ فقيل: سر، أي بقدر عشرين فرسخا، كان ظاهرا في مطلوبية السير المضاف إلى هذا العدد حقيقية لا إليه ولو بالاعتبار، فكذا إذا جعل شرطا لحكم.
لا يقال: إذا ذهب أربعا ورجع أربعا فقد سار حقيقة ثمانية فراسخ، وإن لم يصدق على ما بين المبدء والمقصد أنه ثمانية فراسخ، والعبرة بالسير المتكمم بهذه الكمية لا بنفس المساحة المكانية.
لأنا نقول: حقيقة السير وإن كان متكمما بهذه الكمية لكن المساحة الموجبة لهذه الكمية، ليست ثمانية بالذات، بل ثمانية بالعرض، لفرض كونها مقومة لثمانية قطع من قطعات السير، والمفروض ظهور الثمانية في هذا العدد بالذات لا بالعرض، فهو كما إذا قيل: امسح شيئين فمسح شيئا مرتين، فإن تعدد المسح حقيقي وتعدد المقوم له اعتباري. مضافا إلى أن ظاهر قوله " يخرج في سفره.. الخ " (2) يراد به الخروج من بلده إلى غيره وهو السفر. ومن الواضح أن البعد عن الوطن مثلا لا يعقل أن يغيى بالقرب إلى وطنه، فمنتهى البعد هو منتهى ثمانية فراسخ وهو منتهى مسيرة يوم من بلده، فلا تعم الثمانية المنتهية إلى بلده فتدبر.
ومما ذكرنا تبين أن أدلة اعتبار الثمانية لا إطلاق لها بحيث يشمل التلفيقية،