جواب الإمام (عليه السلام).
وعن شيخنا العلامة الأنصاري (قدس سره) في بعض تحريراته في صلاة المسافر تقوية الوجه الثاني، أعني رافعية الإقامة للموضوع شرعا، وإنه لا بد بعد الإقامة من تحقق سفرتين أو ثلاث كالابتداء، بدعوى استفادته من صحيحة هشام المتضمنة لقوله (عليه السلام) " يختلف وليس له مقام " فإنه علق وجوب التمام على الاختلاف الغير المقرون بالإقامة فإذا تحققت الإقامة فلا يجوز الاتمام، إلا إذا حدث اختلاف غير مقرون بالإقامة لأن اختلاف السابق قد قرن بها (2) انتهى كلامه رفع مقامه. واستظهر (قدس سره) في موضع آخر (إن قوله (عليه السلام): " وليس له مقام " (3) قيد لقوله (عليه السلام): " يختلف ") (4). وعليه فالموضوع عنده هو الاختلاف الخاص وقد زال جزما. إلا أنه خلاف الظاهر جدا. فإن الظاهر إن قوله (عليه السلام) " المكاري الذي يختلف وليس له مقام " إن كونه يختلف، وكونه ليس له مقام، كلاهما وصف للمكاري، لا أن الثاني لوحظ من شؤون الأول وقيوده حتى يكون الاختلاف اختلافا خاصا تلبس به المكاري لينتج ما أفاده (رحمه الله). فزوال أحد الوصفين لا ربط له بزوال الآخر.
ثم اعلم أنه بناء على ما اخترناه من أن اتخاذ العمل حرفة والتلبس به كاف في وجوب الاتمام، فإن جعلنا التلبس به بنحو الشرط المقارن لوجوب الاتمام كانت الإقامة دائما رافعة لحكم الكثرة، وإن جعلناه بنحو الشرط المتقدم لوجوب الاتمام فيما بعد التلبس فهي دافعة تارة ورافعة أخرى، فإذا تحققت بعد التلبس بالسفرة الأولى كانت مانعة عن وجوب الاتمام في الثانية، وإذا تحققت بعد السفرتين وأزيد كانت رافعة لحكم الاتمام.
لا يقال إذا بنيت على كفاية اتخاذ العمل حرفة والتلبس به، فما الفرق بين السفرة الأولى والثانية بعد الإقامة؟ وحينئذ يلغو اعتبار شرطية عدم الإقامة لوجوب