القصر سواءا كان كل منهما علامة ومعرفا أو كانتا معا معرفا وعليه فنقول: إن جميع الوجوه المذكورة في باب الجمع بين الأخبار غير مربوطة بما نحن فيه، وذلك لأن خفاء الجدران وخفاء الأذان ليسا سببين أو شرطين لوجوب القصر، بل كما مر الشرط هو البعد الخاص عن البلد مثلا، وخفاء الجدران معرف كخفاء الأذان ومعرفية شئ عن تحقق البعد الخاص لا يكون إلا بملازمة وجوده لوجوده ومع انفكاك أحد المعرفين عن الآخر يستحيل ملازمة كل بينهما لوجود ذلك البعد الخاص لا تعيينا ولا تخييرا إذ مع فرض وحدة البعد الخاص كيف يعقل أن يكون المنفكان في الوجود كلامهما ملازما لوجود البعد الخاص تعيينا، ومع عدم ملازمة أحدهما واقعا للبعد الخاص كيف يعقل أن يكون عدلا وبدلا عما يلازمه وكذلك يستحيل أن يكونا معا معرفا واحدا للبعد الخاص لأن الفرض عدم ملازمة كل منهما للبعد الخاص فكيف يكون اجتماع ما لا يلازم مع مثله محدثا للملازمة بين المجموع والبعد الخاص فجزئية كل منهما للمعرف غير معقولة، ولا يقاس بباب الحدود حيث إن المعرف مؤلف من أمرين، وذلك لأن الماهية النوعية متقومة بطبيعي الجنس والفصل، فلا بد من أن يكون معرفها مبينة لذاتياتها غاية الأمر أن الذاتيات ملحوظة في طرف المحدود بنحو الجمع والاجمال، وفي طرف الحد بنحو الفرق والتفصيل، بخلاف ما نحن فيه فإن المعرفية بمعنى كاشفية وجود شئ عن آخر مبائن له ماهية ووجودا لمجرد الملازمة بينهما في الوجود. هذا إذا انفك كل منهما عن الآخر، وإذا انفك أحدهما بالخصوص عن الآخر فلا محالة يكون أحدهما ملازما لبعد أزيد مما يلازمه الآخر، ولا محالة يكون أحد البعدين من الزائد والناقص شرطا، فالحد الملازم للزائد قد اعتبر فيه أزيد مما يقتضيه الشرط إن كان البعد الناقص شرطا والحد الملازم للناقص قد أخل فيه الشارع إن كان البعد الزائد شرطا فيستحيل معرفيتهما معا تعيينا وتخييرا وبنحو الجزئية لمعرف واحد إذ ليس كل منهما معرفا للزائد ولا للناقص على الفرض، وليس الشرط أحد البعدين حتى يكون المعرف أحد الأمرين وليس المعرف للزائد والمعرف للناقص معرفا واحدا للزائد ولا للناقص، ولا معنى لأن يكون الجماع بين المعرفين معرفا للجماع بين البعدين، فالشرط هو الجامع
(١٠٩)