نعم من الأخبار المشكلة رواية أبي بصير: " ليس على صاحب الصيد تقصير ثلاثة أيام وإذا جاوز الثلاثة لزمه " (1) وهو محمول على التقية من أولي الشوكة المتعادين للتنزه بالتصيد عن الثلاثة، وحيث إن غرضهم مجرد التنزه لا جمع الصيد فلا يتجاوز سفرهم غالبا عن الثلاثة، وحيث إن غرض المتكسب بطلب الصيد جمع الصيد لئلا يحتاج كل يوم إلى السفر، فلذا يتجاوز سفره لجمع الصيد عن الثلاثة والله أعلم.
ومن الأخبار المنافية بظاهرها للأخبار المطلقة والمقيدة رواية السياري وفيها " صاحب الصيد يقصر ما دام على الجادة وإذا عدل عن الجادة أتم، وإذا رجع إلى الجادة قصر " (2) فإنه إن خرج لطلب القوت قصر سواء كان على الجادة أو ذهب عنها يمينا وشمالا وإن خرج لاهيا أتم سواء كان على الجادة أم لا، ولذا حملت الجادة على جادة الحق لا جادة الأرض، بمعنى إن كان سفره سفر حق قصر وإذا عدل عن الحق إلى الباطل بطلب اللهو والتنزه أتم. والأولى حملها على من خرج لغاية أخرى مباحة وفي أثناء الطريق بدا له الذهاب في طلب الصيد الذي هو عادة اللهو، لأن المفروض إن سفره لغاية أخرى. وعليه فإذا عدل عن الطريق للصيد لهوا أتم، وإذا رجع قصر. والمراد من الرجوع إلى الجادة الرجوع من ذهابه في طلب الصيد لا وصوله إلى الجادة لينافي ما مر من أن الراجع من سفر المعصية يقصر. كما أن المتعارف ممن يطلب الصيد للتنزه رجوعه مقارنا للعزم عليه لا لاشتراط القصر بالتلبس بالرجوع لينافي ما قويناه من انقطاع الحكم بالاتمام بمجرد تبدل قصد المعصية بقصد الطاعة.
وأما الثاني: وهو طلب الصيد لقوته وقوت عياله، فوجوب القصر في سفره منصوص في صحيح عمران عمران بن محمد بن عمران " قال (عليه السلام): إن خرج لقوته وقوت عياله فليفطر ويقصر " (3) وكذا في المنقول من كتاب زيد النرسي (4)