مسافر لم يكن معنونا بأحد تلك العناوين الآتية، في سفره يقصر لأنه غير كثير السفر، وإن كان من قبيل العدم المقابل للملكة فلا يتصور عدم الكثرة إلا فيمن شأنه كثرة السفر. فالمسافر سفرتين لم يكن معهما إقامة العشرة كثير السفر، والمسافر الذي تحقق منه السفر لكنه إما لم يتعدد وإما كان بينهما إقامة فهو غير كثير السفر.
وفي مثله ربما يتوهم أن عدم الكثرة شرط لاستمرار القصر، كما نقل عن المقاصد العلية (1) بتخيل أنه مع السفرة الأولى يجب عليه القصر، وكذا في الثانية، فإذا أقام بعدهما استمر قصره وإلا انقطع وثبت الاتمام مع أنك قد عرفت سابقا أن الحدوث والبقاء يلاحظان بالإضافة إلى سفر واحد وذلك الواحد، الذي يترتب منه القصر هي السفرة الثالثة، فإنه مع اختلال السفرتين بالإقامة يحدث لها القصر وإلا فيحدث له الاتمام. ومنه تبين أنه لا يعقل أن يكون هذا الشرط شرطا لاستمرار القصر، إذ مع الإقامة بعد السفرتين يتعدد السفر شرعا فلا استمرار، ومع عدمها يحدث وجوب الاتمام.
فما عن الشيخ الأجل (2) (قدس سره): من توجيه الاستمرار بإرادة السفر الشرعي، غير مفيد، فإنه وإن اتحد السفر شرعا بعدم القاطع وتعدد بتعدد المقاصد إلا أنه لا يعقل معه استمرار القصر لما مر.
نعم من يقول بكفاية اتخاذ أحد العناوين الآتية حرفة في وجوب الاتمام له أن يتعقل شرطية ذلك حدوثا وبقاء لامكان الاتخاذ حرفة في ابتداء السفر وفي أثنائه وحينئذ فعدمه ابتداء شرط لحدوث القصر، وعدمه بقاء شرط لبقائه.
وكيف ما كان فتنقيح المرام في هذا الشرط بتوضيح الكلام في أمور:
الأمر الأول إن كثرة السفر بما هي أو كون سفره أكثر من حضره إنما هو في كلمات