الأمرين من التبري وما بمنزلته أو العلم به لا مقتضي للخيار، وشرط الصحة لا يحقق المقتضي، فليس هناك عنوان المانعية ليكون الشرط مزيلا للمانع، ولا المقتضي موجود، ولا شرط الوصف محقق له على هذا الفرض.
وإن كان المدرك والمقتضي قاعدة الضرر فالشرط وإن كان مانعا عن الاقدام على الضرر فيستند الضرر إلى الشرع، إلا أنا بينا غير مرة أن قاعدة الضرر لا تقتضي إلا رفع اللزوم الضرري، لا حق الخيار، فضلا عن الأرش، وعليه فلا فرق بين خيار تخلف الشرط وخيار العيب المستند إلى قاعدة الضرر، فافهم وتدبر.
منها: أن العيب هل هو مطلق النقص والزيادة خلقة وعادة أو خصوص النقص للمالية، حتى لا يكون الخصاء عيبا مع كونه من النقص الخلقي لعدم النقص المالي، بل ربما يزيد ماليته، وينبغي تقديم أمرين حتى يتضح حقيقة الحال:
أحدهما: أنه لا ريب في تقابل الصحة والعيب، ومن البين أن الصحة هي التمامية من حيث أصول الخلقة أو من حيث العادة أيضا، ولا يعتبر فيها المساواة في المالية مع شئ حتى يكون مقابلها - وهو العيب - متقوما بالنقص المالي، مع أنه لو زيدت مالية الناقص على التام كما في الخصي خرج عن كونه صحيحا ومعيبا، إذ ليس بصحيح للنقص الخلقي، ولا بمعيب لزيادة المالية، ولا يمكن أن يجعل المدار على الزيادة والنقص من حيث المالية فقط، وإلا لكان الأشياء المختلفة من حيث المالية بعضها صحيحا بالنسبة إلى الآخر وبعضها معيبا وإن لم يتفقا في النوعية.
ثانيهما: أن المعاملات المالية مشتملة على غرضين نوعيين عقلائيين.
الأول: من حيث إقامة مال مقام مال بحيث يسد أحدهما مسد الآخر، فإذا تبين خلافه - كما في الغبن - فقد تخلف هذا الغرض النوعي المعاملي فله خيار الغبن.
والثاني: من حيث عنوان المبيع الذي يترقب منه انتفاعات مخصوصة لنوع المعاملين، فإن الغرض من كل عين لها عنوان خاص انتفاع مخصوص، فمع وجود نقص فيه يتطرق الخلل في ذلك الانتفاع المقصود، وهذا ملاك خيار العيب، فالعين المشتراة بأقل من ثمن المثل إذا كان معيبا لم يتخلف فيها الغرض النوعي المالي،