معين كيلا أو وزنا، إذ كما لا يصح بيع المبيع الشخصي جزافا كذلك لا يصح الكلي جزافا، كأن يقول " بعتك مقدارا من الحنطة يساوي هذه الصبرة في الخارج " فصحة البيع حينئذ يتوقف على التقدير لا على فعلية الكيل والوزن.
وأما الوفاء وتطبيق المقدار الخاص على ما في الخارج فهو أيضا لا يصح جزافا، فلا بد من فعلية الكيل والوزن في مقام الوفاء، ومن المعلوم أن الوفاء وتعيين الكلي في الفرد كما تقدم يتوقف على قبول المشتري وقبضه، فمجرد الكيل أو الوزن الفعلي من دون قبول وقبض من صاحب الحق لا يوجب التعين، بل هو كيل مال البائع لا كيل مال المشتري، ففعلية كيله أو وزنه المعين والمشخص للكلي مساوقة لقبول المشتري وقبضه.
وعليه يمكن تنزيل الأخبار الظاهرة في مساوقة القبض للكيل والوزن، كما ينزل عليه كلمات من نسب إليه كون قبض المكيل والموزون بكيله أو وزنه، وعليه فاستثناء التولية مناسب لهذا المقام، فإنه يوليه البيع الصحيح ويكون هو المباشر لما يكون وفاء، فكأن اعتبار بيع التولية اعتبار قيام المشتري الثاني مقام المشتري الأول في الطرفية للبيع، لا أنه بيع جديد حتى يعتبر فيه قبض البائع في البيع الثاني.
وجوب تسليم المبيع - قوله (قدس سره): (يجب على كل من المتبايعين تسليم... الخ) (1).
توضيح المقام: أن مدلول عقد البيع بالمطابقة ليس إلا تمليك عين بعوض من دون تضمنه للتسليم والتسلم، ووجوب التسليم لأحد وجهين:
الأول: ما هو المعروف من أنه من لوازم الملك، لسلطنة الناس على أموالهم فلهم المطالبة، وعلى من بيده المال دفعه إليه، وليس له الامتناع وإلا لكان له سلطان مزاحم لسلطان رب المال، وحيث إن هذا المعنى من لوازم الملك صح أن يقال إن العقد يقتضي وجوب التسليم من حيث مدلوله الالتزامي كما مر في أول مبحث (2)