بأن لا يكون في بلد يعرفون الأحكام حتى لا يكون قوله مخالفا للظاهر، لا بأن يكون في بلد لا يعرفون الأحكام، فإن موافقة الظاهر غير لازمة في صيرورته منكرا بعد موافقة قوله للأصل كما هو المفروض، بل مخالفة قوله للظاهر موجبة لكونه مدعيا لا يقبل قوله بيمينه، ومنه يعرف ما في عبارة التفصيل المذكور فيما بعد، فإن ظاهر الاستثناء لزوم موافقة قول المشتري للظاهر، مع أنه غير لازم، فالصحيح أن يقال يعذر إلا إذا نشأ في بلد يعرفون الأحكام، فإن قوله حينئذ مخالف للظاهر، فيكون مدعيا لا منكرا، والأمر سهل لأن المقصود معلوم.
بيان ماهية العيب - قوله (قدس سره): (أما العيب فالظاهر من اللغة والعرف... الخ) (1).
توضيح المقام بتنقيح الكلام في أمور:
منها: أن المراد بالخلقة الأصلية المعبر بها في كلمات الأصحاب - تبعا لمرسلة السياري (2) الواردة في الباب - ليس ما يتكون خارجا بتكوين الله تعالى، فإن المتكون من نوع واحد يختلف بالزيادة والنقيصة، فما هو الملاك للأصالة وغلبة الأفراد على الفرض كاشفة عن الخلقة الأصلية، والكلام في تعيينها، ولا مناص من أن يقال إن كل نوع من أنواع المخلوقات بلحاظ أول مكون من ذلك النوع الذي هو الأصل لسائر أفراده، متقوم بأعضاء خاصة وبأجزاء وأوصاف مخصوصة، فما وافق في أصول خلقته ذلك الأصل فهو صحيح تام، وما نقص عنه أو زاد عليه بما يرغب عنه فهو معيب غير تام.
وهذا قد يعلم من الخارج كما في الإنسان مثلا، وقد يعلم من غلبة أفراده على وضع واحد في أصول خلقته، إلا أن هذا الاستكشاف لا ربط له بالكشف عن اقتضاء الماهية المشتركة فيحكم على سائر أفرادها بذلك، وذلك لأن مقتضيات الماهية