ليس فيه خصوصية تتفاوت بها الرغبات إلا النقد، فإنه متمحض في المالية، فالوفاء للمال المحض بالمال المحض قهري ليس للضامن والمضمون الامتناع من أدائه وأخذه.
نعم في كلام العلامة في باب الصرف (1) ما أوهم عدم تعين النقدين، حيث ذكر أن أحد العوضين المختلفين في الصرف إذا كان معيبا وظهر العيب بعد التفرق جاز أخذ الأرش من غير النقدين ولم يجز منهما، فإنه قد استظهر منه جامع المقاصد (2) عدم تعين النقدين عنده فأورد عليه بأن الحقوق المالية إنما يرجع فيها إلى النقدين، فكيف الحق الثابت باعتبار نقصان في أحدهما.
وأجاب عنه المصنف (قدس سره) بما سيجئ (3) إن شاء الله تعالى توضيحه، ومجمل القول في ذلك أن الأرش حيث إنه - عند العلامة بل عند غير واحد من الأصحاب - متمم المعاوضة وتتميم للمعيب ليساوي الصحيح فلذا بنوا على لزوم الربا في المتجانسين، وعلى عدم جواز أداء النقد أرشا بعد التفرق عن مجلس الصرف، لأن تتميم المعاملة الصرفية بعد التفرق مناف لاعتبار التقابض في المجلس، بخلاف ما إذا أدى الأرش من غير النقدين فإن المعاملة المزبورة تنحل إلى صرف وغير صرف، والتفرق في غير الصرف غير ممنوع عنه.
وغرض جامع المقاصد أن الغرامات تتعين في النقدين في سائر الموارد، وغرامة أحد النقدين أولى بأن تكون منهما، ولازمه حينئذ عدم امكان تتميم المعاملة الصرفية، أما بالنقد فلفرض منافاته للتفرق، وأما بغير النقدين فلأن ما يستحقه المشتري على البائع ليس إلا النقد كلية، وغيره لا بد من أن يكون بدلا عنه، فإذا لم يستحق المبدل لفرض التفرق لا يستحق البدل فلا أرش أصلا، لا نفسا ولا بدلا.
وغرض المصنف (قدس سره) أن تعين الأرش في النقدين كسائر الغرامات بمعنى عدم استحقاق كل من الضامن والمضمون له للامتناع من أدائهما وأخذهما لا ينافي عدم