الخيار هل هو تمليك أو توكيل أو تحكيم، وقلنا إن الحق هو الأول، وقلنا إن الانتقال منه إلى غيره صلحا أو إرثا مبني على أن الخيار مجعول له بما هو كما يجعله المتبايعان لأنفسهما، أو بما هو ذو نظر وبصيرة بأمر العقد وما يقتضيه الصلاح إجازة أو حلا، بحيث يكون هذه الحيثية تقييدية في نظر الجاعل لا تعليلية لجعله، وهذا هو الغالب الشائع، وحينئذ لا إرث فإنه غير متروك حتى يرثه وارثه فضلا عن جاعله، وكذا ذكرنا كل ما يتعلق بجعل الخيار للعبد ولعبد أحدهما، وتوجيه كلام العلامة بما يخرجه عن بداهة الفساد وعدم الفارق فراجع.
الفسخ بالفعل - قوله (قدس سره): (والمقصود هنا بيان أنه كما يحصل... الخ) (1).
حيث إن المسألة الآتية يبحث فيها من أن الفعل سبب أو كاشف فيعلم أن موضوع هذه المسألة أعم، بمعنى أنه يبحث هنا أن الفعل كالقول يصلح للفسخ كشفا أو تسبيبا أم لا؟ وتنقيح الكلام فيه بالبحث تارة في أن الفعل يصلح في ذاته لذلك أم لا، وأخرى أن الظهور الناشئ من الفعل كالظهور القولي، وثالثة أن ما يحصل به الإجازة من التصرف في ما انتقل إليه يحصل به الفسخ إذا تعلق بما انتقل عنه أم لا.
أما الأول فواضح، فإن الفعل أحد الدوال اخبارا وانشاء كما سيجئ (2) إن شاء الله تعالى في دفع توهم أن الانشاء يختص بالقول وأن الفعل لا انشاء فيه.
وأما الثاني فالسيرة المستمرة من العرف والعقلاء على اتباع الكاشف عن المراد الجدي قولا كان أو فعلا.
وأما الثالث فمورد البحث والاشكال، فإن بيع ما انتقل إليه مع الالتفات إلى الخيار كاشف عن رضاه فعلا بالعقد، والتزام عملي منه بما عقد عليه قبلا، فهو بحسب الطبع والعادة ظاهر في الإجازة، بخلاف بيع ما انتقل عنه فإنه كما يحتمل أن يكون فسخا كذلك يحتمل أن يكون تصرفا فضوليا في مال الغير أو عدوانيا، أو تصرفا