والنقص اللذين يرغب عنهما من وجه آخر أيضا عيبا، ومن البين أن لسان التحديد يقتضي جعل العيب موضوعا للقضية، وتعريفه بالزيادة والنقص الخلقي وليس ما في الكلية كذلك.
مضافا إلى ما ورد في الشرع مما يستكشف منه أن العيب شرعا أعم من ذلك، كما في الجارية المدركة التي لا تحيض حيث حكم الإمام (عليه السلام) بأنه عيب (1)، مع أن عدم الحيض لا يجب أن يكون لنقص في الخلقة، بل ربما يكون احتباس الدم لعارض مزاجي، وكما في رد الجارية التي وجدها حاملا (2) بناء على أنها ترد لأجل عيب الحمل، لا لأنها أم ولد، مع أن الحمل ليس من زيادة أو نقص في أصل الخلقة، بل إما لكونها في معرض التلف بوضع الحمل، أو لمنع الحمل من استخدامها كما ينبغي، وكما في رد العبد بالإباق (3)، فإن الإباق ليس من الزيادة والنقص في الخلقة، فهذه الموارد مما نص شرعا على الرد بها، ولا خيار آخر فيها، فالرد من حيث العيب مع التصريح بكونه عيبا في خبر من لا تحيض، فيعلم منها أن العيب الشرعي مساوق للعيب العرفي، وأن الكلية ليست إلا لبيان العيب لا لتحديده كما عرفت.
منها: بعد ما عرفت من التوسعة في دائرة العيب فتارة يلاحظ الصحة والعيب بمقتضى الحقيقة الأصلية الأولية، وبمقتضى الحقيقة العادية الثانوية بالإضافة إلى جهتين، فلكل من الجهتين حكمها، مثلا ربما تكون الأرض سبخة غير قابلة للزرع لكنها خراجية على العادة والمتعارف، وربما تكون غير سبخة ولا ذات نقص في نفسها لكنها ثقيلة الخراج فلا تزاحم في الملاكين، بل في الأول يحكم بالعيب كما في الثاني، إذ لا يجب أن يكون الشئ معيبا من جميع الوجوه، بل إذا كان صحيحا من ألف جهة ومعيبا من جهة جرى عليه حكم العيب.
وأخرى تلاحظ الصحة والعيب خلقة وعادة بالإضافة إلى جهة واحدة، كما إذا كانت الأمة ثيبة وجرت العادة على المعاملة معها معاملة البكر ففيها نقص خلقي،