ايمائها إلى الوجه الثاني ما قيل من أن سبق العيب لا يوجب خيارا مع زواله، حيث لم يظهر قبل زواله، بل لعل تعبيره (رحمه الله) بعدم الموجب للخيار لا بزوال الموجب له أولى بكونه وجها للايماء، إلا أن الانصاف أن العبارة ظاهرة في أن ملاك عدم الخيار نفس زوال العيب، لا عدم ظهوره قبل زواله، لأن الحق الثابت هو حق رد المعيب لا حق رد ما كان به عيب، ولذا ذكر في موضع آخر من التذكرة في باب خيار التصرية (لو ظهرت التصرية لكن در اللبن على الحد الذي كان يدر مع التصرية واستمر كذلك فلا خيار، لزوال الموجب له، وللشافعي قولان هذا أحدهما، والثاني لا يسقط لثبوته بمجرد التصرية، وكذا الوجهان إذا لم يعرف المشتري بالعيب القديم إلا بعد زواله ... الخ) (1) فيظهر أن المدار في بقاء الخيار نفيا واثباتا على كون العيب المستمر إلى حال الرد مناطا له، أو مجرد ثبوت العيب حال العقد أو قبل القبض.
- قوله (قدس سره): (ولا يعارضه أصالة بقاء الجديد... الخ) (2).
هذا إذا كان ارتفاع الخيار منحصرا في زوال العيب القديم، وأما إذا كان نفس حدوث العيب الجديد مانعا شرعا عن الخيار - كما هو مقتضى المرسلة - فالتعبد ببقاء العيب الجديد تعبد بموضوع الحكم لا يلازم موضوع الحكم.
والتحقيق: أنا لو قلنا بأن زوال العيب القديم لا أثر له في ارتفاع الخيار كما اخترناه سابقا فلا أثر لأصالة بقاء العيب القديم، بل الأثر لبقاء الجديد وزواله فيجري أصالة بقاء العيب الجديد، وأثره سقوط حق الرد وبقاء استحقاق الأرش، وأما لو قلنا بأن زواله يوجب ارتفاع الخيار وكان النزاع في بقاء حق الخيار بمعنى استحقاق الرد أو الأرش وعدم بقاء حق الرد والأرش فلا محالة يكون ترتب هذا الأثر بلحاظ بقاء العيب القديم وزواله، وبقاء العيب الجديد أجنبي عن مثله إلا بلحاظ لازمه وهو زوال العيب القديم، وعليه ينبغي أن يحمل كلام المصنف (قدس سره).
ومما ذكرنا يتبين: أن النزاع الصحيح الذي له أثر بأحد وجهين، إما بدعوى بقاء العيب القديم وزواله لبقاء خيار العيب وارتفاعه، والأصل بقاؤه، وقد عرفت أنه بلا