فمدفوعة: بأن الجنون ليس من أسباب انتقال الملك أو الحق إلى الولي، بل من أسباب السلطنة للولي على التصرف فيه بالبيع ونحوه في الملك، وبأعمال الخيار أو اسقاطه في الحق، فكما لا يكون مالكا إلا للتصرف فكذا لا يكون ذا حق الخيار، بل له ملك استيفاء الحق واسقاطه، ولذا لا شبهة في أن هذا الحق ينتقل إلى وارث المجنون لا إلى ورثة الأولياء، ولعمري إنه من الوضوح بمكان وإن اشتبه أمره على بعض الأعيان.
ومنها: أنك قد عرفت في تضاعيف ما قدمناه أن مسألة بساطة الحق وعدم تبعضه أجنبية عن محل البحث، وإنما البحث في وحدته وتعدده، والبسيط ربما يتحد وربما يتعدد، وحينئذ نقول: إن تعدد متعلق الحق تارة يكون واسطة في ثبوت تعدد الحق، وأخرى يكون واسطة في عروضه، بمعنى أن الحق وإن كان على الفرض واحدا حقيقة لكنه لتعدد متعلقه ينسب إليه التعدد، لا أنه حقيقة متعدد، فإن كان الأول صح أن يقال إن لكل واحد من الورثة أعماله في نصيبه، كما أنه له اسقاطه.
إلا أن المبنى فاسد، لما تقدم من وحدة الحق على الفرض وأن قابلية المتعلق لفرضه متعددا لا يجدي وأن المتعلق القابل للتعدد ليس بنهج الكثرة والتعدد متعلقا للحق الواحد، بل بنهج الوحدة، وكما يستحيل قيام الواحد الحقيقي بالمتعدد - بما هو متعدد حقيقة لا بما هو واحد بالاعتبار - كذلك يستحيل تعلق الواحد الحقيقي بالمتعدد بما هو متعدد وكثير، بل لا بد وأن يكون بما هو واحد بالاعتبار، لأن كل ذلك خلف واضح.
وإن كان الثاني فمن الواضح أن المتعدد بالعرض والمجاز لا يعقل أن يترتب عليه السلطنة على أعمال الحق في نصيبه، مع أنه لا حق له حقيقة، والتشبث بذيل صدق التعدد عرفا على الحق الواحد في ذاته باعتبار تعدد متعلقه ذاتا لا يصغى إليه، ولا ينبغي الالتفات إليه بعد وضوح مقام الثبوت، ومنه تعرف أن ما في المتن من أن تجزئ الخيار بحسب متعلقه مما لم يدل عليه أدلة الإرث لا حاجة إليه، لعدم وصول النوبة إلى مقام الاثبات بعد عدم معقولية مقام الثبوت تارة، وعدم ترتب الثمرة