وكما له الاختصاص بالخمر تماما فكذلك بأبعاضها، فلمثل هذا الحق وحدة عمومية ينحل إلى الحقوق بحسب تبعض متعلقه معينا ومشاعا.
وتوهم: أن الحق بسيط لا يتجزئ ولا يتبعض.
مدفوع: بأن الاعتبار الحقي كاعتبار الملكية بسيط، بل الاعتبارات أشد بساطة من الاعراض، فإنها ذوات أحصاص وفصول عقلية دون الاعتباريات، إلا أن البساطة تنافي التجزئ والتبعض دون التعدد، فلا يعقل نصف الملكية وربعها، لكن يتعقل تعدد الملكيات بتعدد الأملاك، وما نحن فيه من قبيل الثاني، فتدبر.
وأما وحدة الملكية شخصا كما إذا ملك بالإجارة أو الشرط عملا غير قابل للتبعض لا معينا ولا مشاعا كما إذا ملك عليه العتق أو البيع ونحوه، فإن العتق بما هو لا بعض له ولا كسر له، فكذلك الحق كحق القصاص فإن القصاص لا كسر له ولا بعض له، فلا يمكن تعدد الملكية والحقية من ناحية تبعض المملوك ومورد الحق.
ومنها: أن مورد حق الخيار وإن كان هو العقد فيوهم أنه ليس له إلا حل واحد، إلا أن العقد إذا كان على ملكية الدار مثلا، فقبول الدار للتبعض يوجب قبول الملكية للتعدد، فيوجب قبول العقد تحليلا للانحلال إلى عقود، وعليه يبتني صحة العقد على ما يملك وما لا يملك في الأول دون الثاني، ومع فرض قبول العقد للتعدد يكون الحل أيضا قابلا له فيعقل تعدد حق الحل والفسخ، وحينئذ فإن كان الحق الثابت لذي الخيار بحيث كان له حل العقد في الكل والبعض - كما في خيار فسخ العقد برد مثل الثمن تماما في تمامه وبعضا في بعضه، فمثل هذا الحق المنحل إلى الحقوق قابل لأن ينتقل إلى أشخاص متعددين.
وإذا فرض أن الحق الثابت حق حل العقد رأسا وتركه أصلا، فلا محالة هو غير متعدد على الفرض، وتعدده بقيامه بأشخاص متعددين خلف واضح، كما هو الظاهر في جميع الخيارات المجعولة شرعا، فليس لمن له خيار المجلس أو الغبن أو الحيوان أو العيب إلا حل العقد بتاتا أو تركه رأسا، وقد صرح المصنف (قدس سره) بذلك في مبحث خيار العيب، حيث قال: (إنه لا يشك أحد في أن دليل هذا الخيار كغيره من