مخالفة الشرط للكتاب كما يصدق مع وجود الطرفين من الشرط والكتاب كذلك مع عدمهما، فلا منافاة بين كون المخالفة في طرف القضية الايجابية مأخوذة بنحو الوجود الرابط ومفاد كان الناقصة، وبين كون عدمها أعم من نفي المخالفة مع وجود الطرفين - لتكون القضية سالبة بانتفاء المحمول - ومن نفي المخالفة مع عدمها لتكون القضية سالبة بانتفاء الموضوع.
فحينئذ لا مجال للاشكال في أصالة عدم المخالفة بدعوى: أن عدم المخالفة بنحو العدم المحمولي ليس موضوعا للحكم، بل بوجه الربط، لأن مقابل الوجود الرابط بديله لا العدم المحمولي الذي هو بديل الوجود المحمولي، فالأصل الجاري في العدم المحمولي مثبت بالإضافة إلى العدم المقابل للوجود الرابط.
وفساد هذه الدعوى ظاهر مما مر، فإنه لا حاجة إلى استصحاب العدم المحمولي حتى يرد محذور الأصل المثبت، بل المستصحب هو عدم الرابط ومفاد السالبة المحصلة التي هي صادقة مع وجود الموضوع ومع عدمه، فعدم كون الشرط مخالفا بعدم الطرفين معنى وعدم المخالفة معنى آخر، والثاني عدم محمولي، والأول عدم الرابط، وسلب النسبة بعد ما تبين استحالة العدم الرابط والنسبة السلبية، فتدبره فإنه حقيق به.
نعم إذا كان موضوع الحكم كون الشرط غير مخالف بنحو العدم المقابل للملكة فالقضية قهرا موجبة معدولة المحمول، ومن البين حاجة الموجبة إلى وجود الموضوع، فلا حالة سابقة متيقنة حينئذ، وعدم المخالفة إلى حال وجود الموضوع ملازم عقلا لكون الشرط غير مخالف فهو مثبت.
والتحقيق: ما قدمناه من أن السالبة المحصلة وإن كانت أعم، إلا أنه ليس هنا قضية سالبة منطوقية حتى يقال بأنها أعم، وإنما يستفاد موضوعية عدم المخالفة للحكم من مفهوم قوله (عليه السلام) (من اشترط شرطا مخالفا لكتاب الله عز وجل فلا يجوز... الخ) (1)، ومن المقرر في محله أن المفهوم تابع للمنطوق سعة وضيقا، فالسالبة حينئذ سالبة