والفرق بين الوجود الرابط والثبوت المتوسط والنسبة الحكمية، أن الوجود الرابط بين الموضوع ومبدأ المحمول والنسبة الحكمية بين الموضوع ونفس المحمول، ولذا يعم جميع القضايا والعقود سواء كانت من الهليات البسيطة أو المركبة، فإن كون هذا ذاك مفاد النسبة الحكمية، وهي موجودة في " زيد كاتب " و " زيد موجود ".
ثم إن الوجود في نفسه المعبر عنه بالوجود المحمولي ينقسم إلى وجود في نفسه لنفسه كالجوهر، وإلى وجود في نفسه لغيره كالعرض، ويسمى الأول بالوجود النفسي، والثاني بالوجود الناعتي والوجود الرابطي لا الرابط، فتوهم أن الوجود المحمولي في قبال الوجود الناعتي فاسد، فإنه مقسم للوجود النفسي الجوهري والوجود الناعتي الرابطي العرضي، وإنما المقابل للوجود المحمولي هو الوجود لا في نفسه المصطلح عليه بالوجود الرابط والكون المتوسط، هذا حال الوجود بحسب القسمة الأولية والثانوية.
وأما العدم فحيث إنه عين الليسية واللاشيئية فلا يعقل أن يكون رابطا بين شيئين ليتصور العدم الرابط، بل المعقول هو عدم الرابط، وكذا النسبة الحكمية فإنها لا تكون إلا في الموجبة، وأما السالبة فليس فيها إلا سلب النسبة الحكمية كما عليه المحققون، فإن النسبة الحكمية مطابقها هوية واحدة، وهي ما به اتحاد الموضوع وعنوان المحمول، لا بما هو وجود كل منهما في نفسه، فهذا الاتحاد الجزئي المتصور بينهما تارة يذعن العقل بثبوته، وأخرى بنفيه، لا أنه هناك حالة بين الموضوع والمحمول هي عين الانتفاء والليسية.
إذا عرفت هذا فاعلم: أن مخالفة الشرط للكتاب - كما هو ظاهر الأدلة - قد أخذت على وجه الربط، ومفاد كان الناقصة، وما يقابلها - أعني عدم المخالفة - وإن لم يكن بنحو العدم المحمولي، فإنه بديل الوجود المحمولي دون الوجود الرابط، إلا أنك حيث عرفت أن العدم الرابط غير معقول، وإنما المعقول عدم الرابط وسلب النسبة لا النسبة السلبية، ولذا قالوا بأن السالبة المحصلة لا تحتاج إلى وجود الموضوع، بل كما يصدق سلب النسبة بانتفاء المحمول كذلك يصدق بانتفاء الموضوع، فعدم