الاعتراف بخروج الالتزام بترك المباح، لكفاية اتصاف الالتزام بفعل الحرام بالمخالفة في كونه مصداقا لمخالفة الشرط والالتزام - مورد المناقشة، فإن وجه اتصاف الالتزام بفعل الحرام بالمخالفة إن كان مخالفة فعل الحرام للكتاب فالالتزام به مخالف بالتبع، فحينئذ لا ثمرة عملية للترديد، فإن توصيف الشرط بالمخالفة حينئذ دائما بالتبع، فأية فائدة في الترديد، وإن لم يكن فعل الحرام مخالفا للحرمة فإن مقابل الحرمة هي الحلية لا فعل الحرام، بل الالتزام حيث إنه تحليل من الشارط فهو بهذا الاعتبار مقابل للتحريم شرعا، فحينئذ لا وجه للاعتراف بخروج الالتزام بترك المباح والعدول عنه إلى الالتزام بفعل الحرام، إذ كما أن الالتزام بفعل الحرام تحليل من الشارط كذلك الالتزام بترك المباح تحريم من الشارط على نفسه.
والتحقيق: أن هنا ظهورين متعارضين:
أحدهما: ظهور الشرط في المعنى المصدري دون المعنى المفعولي أي الملتزم به.
ثانيهما: ظهور الاسناد في الاسناد إلى ما هو له.
فإن قلنا بأن المراد من الشرط هو المعنى المفعولي فالاسناد دائما إلى ما هو له، إلا أنه لم ينحفظ الظهور الأول، وإن قلنا بأن المراد منه هو المعنى المصدري فالظهور الأول محفوظ، إلا أن الاسناد إما إلى غير ما هو له دائما، إن كان مخالفة الالتزام بتبع مخالفة ما التزم به، وأما إلى ما هو له وغير ما هو له بملاحظة اسناد جامع بين اسنادين، إن كان مخالفة الشرط تارة بالتبع وأخرى بالذات فالظهور الثاني غير محفوظ دائما، إلا أن اللازم رفع اليد عن الظهور الثاني لوجوه:
أحدها: أن الأخبار الواقع فيها استثناء الشرط المحلل والمحرم لبيان أمر واحد ومطلب فارد، وكما أن المحللية والمحرمية وصفان للشرط بمعنى الالتزام، بداهة أن فعل الحرام فعل الحرام، لا أنه محلل للحرام، فلا تحليل إلا من قبل الشارط بشرطه، كما نص به في باب الحلف بقوله (عليه السلام) (فليس له أن يحرم ما أحل الله) (1)