تجهمتنا رجال واستخف بنا * إذا غبت عنا فنحن اليوم نغتصب " ولم ير الناس أكثر باك ولا باكية منهم يومئذ، ثم عدلت إلى مسجد الأنصار (1) فقالت:
" يا معشر البقية، وأعضاد الملة، وحضنة الإسلام! ما هذه الفترة عن نصرتي، والونية عن معونتي، والغميزة في حقي، والسنة عن ظلامتي؟ أما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " المرء يحفظ في ولده؟ " سرعان ما أحدثتم، وعجلان ما أتيتم! ".
" الآن مات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمتم دينه..؟! ها إن موته لعمري خطب جليل، استوسع وهنه، واستبهم فتقه، وفقد راتقه، وأظلمت الأرض له، وخشعت الجبال، وأكدت الآمال، أضيع بعده الحريم، وهتكت الحرمة، وأذيلت المصونة، وتلك نازلة أعلن بها كتاب الله قبل موته، وأنباكم بها قبل وفاته، فقال:
* (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أ فإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) * (2) ".
" أيها بني قيلة! اهتضم تراث أبي وأنتم بمرأى ومسمع، تبلغكم الدعوة، ويشملكم الصوت، وفيكم العدة والعدد، ولكم الدار والجنن، وأنتم نخبة الله التي انتخب، وخيرته التي اختار، باديتم العرب، وبادهتم الأمور، وكافحتم البهم، حتى دارت بكم رحى الإسلام، ودر حلبه، وخبت نيران الحرب، وسكنت فورة الشرك، وهدأت دعوة الهرج، واستوثق نظام الدين، أفتأخرتم بعد الإقدام،