فطال لها الاستماع، ولئن تقمصها دوني الأشقيان، ونازعاني فيما ليس لهما بحق وركباها ضلالة، واعتقداها جهالة، فلبئس ما عليه وردا ولبئس ما لأنفسهما مهدا... إن القوم لم يزالوا عباد أصنام وسدنة أوثان فأخرجنا الله إليهم رحمة...
وأضاءت بنا مفاخر معد بن عدنان، وأولجناهم باب الهدى وأدخلناهم دار السلام، وأشملناهم ثوب الإيمان، وفلجوا بنا في العالمين، وأبدت لهم أيام الرسول آثار الصالحين من حام مجاهد، ومصل قانت، ومعتكف زاهد.. يظهرون الأمانة، ويأتون المثابة، حتى إذا دعا الله عز وجل نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) ورفعه إليه لم يك ذلك بعده إلا كلمحة من خفقة، أو وميض من برقة إلى أن رجعوا على الأعقاب، وانتكصوا على الأدبار، وطلبوا بالأوتار، وأظهروا الكتائب، وردموا الباب، وفلوا الديار، وغيروا آثار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ورغبوا عن أحكامه، وبعدوا من أنواره، واستبدلوا بمستخلفه بديلا اتخذوه، وكانوا ظالمين، وزعموا أن من اختاروا من آل أبي قحافة أولى بمقام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ممن اختار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لمقامه، وأن مهاجر آل أبي قحافة خير من المهاجري الأنصاري الرباني ناموس هاشم بن عبد مناف... وعن قليل يجدون غب ما أسسه الأولون..
ألا وإني - فيكم أيها الناس! - كهارون في آل فرعون، وكباب حطة في بني إسرائيل، وكسفينة نوح في قوم نوح، إني النبأ العظيم، والصديق الأكبر.. وعن قليل ستعلمون ما توعدون.. وهل هي إلا كلعقة الآكل، ومذقة الشارب، وخفقة الوسنان، ثم تلزمهم المعرات خزيا في الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما يعملون.. (1).