ثم جعل الثاني يعالج الباب ليحرقه فلما رأت إصرار القوم على ذلك أتت وفتحت لهم الباب ولاذت خلفه، فعصرها الثاني ما بين الحائط والباب حتى كادت روحها أن تخرج من شدة العصرة، ونبع الدم من صدرها ومن ثدييها، فدخلت إلى دارها ونادت: " يا أسماء! ويا فضة! ويا فلانة! تعالين وتعاهدن مني ما تتعاهد النساء من النساء ".
قالت أسماء: فما دخلنا البيت إلا وقد أسقطت جنينا سماه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): محسنا.
ثم دخلوا على علي وجعلوا حمائل سيفه في عنقه وقادوه كما يقاد البعير المغشوش (1) وهو كان متلببا بثيابه، فلما رأت فاطمة ما فعلوه بابن عمها قامت ولبست إزارها وخرجت خلف القوم.. وبزعمها أنها تخلصه من بين أيديهم..
فتركه أكثر القوم رحمة لها.
فقال الثاني لعبده قنفذ: ويلك! اضربها.. - وكان بيده سوط - فجعل يضربها على رأسها والسوط يتلوى بين كتفيها كالدملج وهي تنادي:
" المستعان المستغاث بالله وبرسوله.. " ثم لطمها الثاني على خدها لطمة حتى أثرت في خدها من وراء الخمار، وسقط القرط من أذنها.. فرجعت إلى منزلها فقادوا عليا إلى المسجد فجلس الثاني على ركبتيه، وحسر عن ذراعيه. وقال: يا علي!
بايع... (2).