.. فاشتغل أمير المؤمنين (عليه السلام) بتغسيل فاطمة (عليها السلام)، وكانت أسماء بنت عميس تصب الماء على يده وهو يغسلها من تحت ثيابها...
قالت أسماء: فرأيت في أثناء ذلك أن عليا (عليه السلام) قد رفع صوته بالبكاء مع ما كان عليه من التجلد، فقلت: يا علي! يحق لك البكاء في مثل هذه المصيبة العظمى والبلية الكبرى،.. ولكن لم ارتفع صوتك بالبكاء من دون اختيار؟
فقال (عليه السلام): " يا أسماء! رأيت السواد على طرف وجه فاطمة (عليها السلام)، وبقاء أثر اللطم عليه، واحمرار عينها كالدم، وتورم عضدها كالدملج " (1).
[] وفي رواية أخرى: قال علي (عليه السلام): " يا رسول الله! هذه أمانة ليلة الزفاف رددتها إليك "، فخرج من القبر صوت: " يا علي!.. في تلك الليلة لم يكن ضلعها مكسورا، ولا وجهها مسودا، ولا عينها محمرة ". فبكى أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال: " يا رسول الله! أنت تعلم ممن صدرت هذه الأفعال (2).. " وقال الشيخ محمد علي الكاظمي (المتوفى 1281):
[] قالت زينب (عليها السلام): رأيت - حين تغسيل أمي (عليها السلام) - سواد جنبها، فسألت أبي (عليه السلام) فقال: " هذا أثر السياط.. " (3).
وقال صدر الواعظين القزويني (المتوفى حدود 1330) - ما ترجمته -:
[] وأوصته (عليها السلام) أن لا يجردها حين الغسل، بل يغسلها، وعليها قميصها، والسر في ذلك، كأنها تقول بلسان الحال: يا علي! إني لشدة محبتي وشفقتي عليك أردت أن لا ينكسر خاطرك بشئ، ولذا فقد كتمت عنك آثار