ثالثا: بالنسبة للحديث الذي تطبل وتزمر عليه والذي تقول بأن أبي بكر استشهد به في منعه للزهراء إرثها من أبيها، والذي تدعي أنه صحيح من طرق الفريقين. فأقول: إن الحديث الوارد في المصادر الشيعية لا دلالة فيه على شئ مما تذهبون إليه. ففي الكافي: 1 / 103، روى الشيخ الكليني عليه الرحمة بسنده عن أبي عبد الله قال: (إن العلماء ورثة الأنبياء وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظا وافرا فانظروا علمكم هذا عمن تأخذونه؟ فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولا ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين). وفي الكافي: 1 / 111، روى الشيخ الكليني عليه الرحمة بسنده عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة وأن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضابه وأنه يستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الأرض حتى الحوت في البحر وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وأن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر). انتهى.
وقد شرح العلامة المجلسي عليه الرحمة الحديث الأول فقال في كتابه مرآة العقول: 1 / 103: (قوله عليه السلام: العلماء ورثة الأنبياء، أي يرثون منهم العلوم والمعارف والحكم إذ هذه عمدة ما يتمتعون به في دنياهم. ولذا علله بقوله: أن الأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا، أي لم يكن عمدة ما يحصلون عليه في دنياهم وينتفع الناس به منهم في حياتهم وبعد وفاتهم الدينار والدرهم، ولا ينافي أن يرث وارثهم الجسماني منهم ما يبقى بعدهم من الأموال الدنيوية. أو يقال وارثهم من حيث النبوة المختصة بهم العلماء فلا ينافي ذلك كون وارثهم من جهة الأنساب الجسمانية يرث أموالهم الظاهرة، فأهل البيت عليهم السلام ورثوا النبي صلى الله عليه وآله من الجهتين معا. على أنه يحتمل أن يكون الأنبياء عليهم السلام لم يبق منهم خصوص الدينار