لقد فهمت فاطمة وعلي والحسنان.. أنهم أمام قدر الله وإرادته في الامتحان، وأن عليهم أن يدفعوا ضريبة العبودية.. فدفعوها بسخاء، ورضوا بقدر الله تعالى، وعيونهم تفيض بالدمع، وقلوبهم تنبض بالخشوع والشكر!!
وهنيئا لمن فهم بعض ما فهموا، واستوعب بعض ما استوعبوا.
4 - الله.. يا يوم الاثنين لم ينم أحد في بيت النبي ليلة الاثنين إلا لماما..!
فالنبي من يوم الأحد، منذ أن لدته عائشة وحفصة، يغمى عليه ويفيق.. ورغم حالته هذه، فقد اضطر للخروج إلى المسجد عند المغرب متوكئا على علي والعباس، ليتدارك فتنة عائشة حيث أرسلت إلى أبيها عن لسان النبي أن يصلي إماما بالناس، فذهب النبي وأزاحه وصلى بهم، وخطب آخر خطبة له مؤكدا على التمسك بعترته، وغشي عليه في المسجد حتى صاح الناس وبكوا.. ثم أفاق وأمرهم بإرجاعه إلى البيت، وبقي يغمى عليه ويفيق إلى وقت وفاته بعد ظهر الاثنين.. صلوات الله عليه وآله!
قال في البحار: 22 / 486: (وقال: ادعوا لي العباس، فدعي فحمله هو وعلي، فأخرجاه حتى صلى بالناس وإنه لقاعد، ثم حمل فوضع على منبره، فلم يجلس بعد ذلك على المنبر، واجتمع له جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى برزت العواتق من خدورهن، فبين باك وصائح وصارخ ومسترجع، والنبي يخطب ساعة ويسكت ساعة، وكان مما ذكر في خطبته أن قال: أيها الناس: لا تأتوني غدا بالدنيا تزفونها زفا، ويأتي أهل بيتي شعثا غبرا مقهورين مظلومين، تسيل دماؤهم أمامكم...