ولم يكتف النبي صلى الله عليه وآله بما قاله لبريدة، لأن الخطر أكبر من بغض بريدة وخالد لعلي.. إنه خطر الحسد القرشي لما آتاه الله لآل محمد من وراثة الكتاب الإلهي والحكمة والملك العظيم! فصعد النبي المنبر وبلغ المسلمين فضل علي وحقه على الأمة، وفضح حاسديه!
كانت فاطمة مطمئنة إلى حماية أبيها لبعلها في حياته، لأنه ثقته وعضده، ووصيه بأمر ربه، وكانت تأمل أن يضع النبي الأمور في نصابها في حجة الوداع.. لكنها كانت قلقة من مكر قريش وخططها!
3 - من تحريكات الحزب القرشي ضد علي عليه السلام اقترب جيش علي من مكة من ناحية اليمن.. وعرف علي أن موكب النبي صلى الله عليه وآله اقترب منها من جهة المدينة.. فاستخلف قائدا على جيشه، وبادر مسرعا إلى حبيبه النبي لكي يتزود منه بعد فراق شهرين، ويقدم له تقريرا عن نعم الله تعالى بفتح اليمن، وترتيب إدارتها!
كانت غياب علي عن جيشه قصيرا ليوم أو يومين.. ولكنها كانت فرصة كافية لأتباع الحزب القرشي في جيشه، ليس للشكوى عليه إلى النبي هذه المرة، فقد بلغهم الرد النبوي الغاضب على شكوى خالد! بل ليوقعوا بين علي وقادة جيشه! فأقنعوا خليفته أن يعطي إلى وجهاء الجيش حلل الجزية النجرانية.. فأعطاهم إياها ولبسوها!
قال المفيد الارشاد: 1 / 172: (وخرج أمير المؤمنين عليه السلام بمن معه من العسكر الذي كان صحبه إلى اليمن، ومعه الحلل التي أخذها من أهل نجران. فلما قارب رسول الله صلى الله عليه وآله مكة من طريق المدينة،