7 - خواطر الصديقة الطاهرة بعد حجة الوداع..
(1) بعد العودة من حجة الوداع.. كانت أكبر مسألة تشغل ذهن الصديقة الطاهرة سلام الله عليها، شعورها أن الأيام تقترب من فقدها لأبيها..
هذا الأب الذي يعني لها كل شئ بعد الله تعالى.. الأب الذي يهبط عليه جبرئيل بين يوم ويوم، وربما مرات في اليوم، يبلغه عن الله العظيم، ويخبره بأخبار أوليائه، وخطط أعدائه، ويوجهه بما يجب فعله.. وفاطمة تنعم بكل نعم الله التي تتنزل على أبيها.
وجود النبي يعني لها.. الأب العطوف عطفا غامرا، تمتزج فيه الأبوة الحانية بالنبوة الهادية، والقدوة العليا بالأخوة والألفة..
ويعني لها.. العماد الذي تقوم به حياتها وحياة زوجها وأولادها، خاصة بعد فقدها لأمها وأخوالها، ورجال بني هاشم أهل العاطفة والمعرفة والشهامة كعمها أبي طالب وحمزة وجعفر.. في مجتمع لا تقوم فيه الحياة إلا بعشيرة.
ويعني لها قبل ذلك وبعده.. علاقة جزء الجوهر بكله وحنينه اليه.. ففاطمة منذ الأزل جزء لا يتجزأ من النور المحمدي، خلقهم الله قبل هذا العالم، أجساما نورانية خاصة، فعبدوه عند عرشه، وأحبوا بعضهم بحبه.. ولذا لا ترى لها في هذه النشأة مناغما في فكرها ومشاعرها وعالمها مع ربها، مثل أبيها وبعلها وبنيها، صلوات الله عليهم.
كان من الصعب على فاطمة أن تتصور، حتى مجرد تصور، أنها ستفقد أباها عن قريب، وتعيش بعده بدونه! لذا كان الشئ الوحيد الذي يسليها