ألفا، ثم غدروا به، وخرجوا عليه، وبيعته في أعناقهم وقتلوه، ثم لم نزل - أهل البيت - نستذل ونستضام، ونقصى ونمتهن، ونحرم ونقتل، ونخاف ولا نأمن على دمائنا ودماء أوليائنا، ووجد الكاذبون الجاحدون لكذبهم وجحودهم موضعا يقتربون به إلى أوليائهم وقضاة السوء وعمال السوء في كل بلدة، فحدثوهم بالأحاديث الموضوعة المكذوبة، ورووا عنا ما لم نقله وما لم نفعله، ليغضونا إلى الناس، وكان عظم ذلك وكبره زمن معاوية بعد موت الحسن عليه السلام، فقلت شيعتنا بكل بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل على الظنة، وكان من يذكر بحبنا والانقطاع إلينا سجن أو نهب ماله، أو هدمت داره، ثم لم يزل البلا يشتد ويزداد، إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين عليه السلام، ثم جاء الحجاج فقتلهم كل قتلة، وأخذهم بكل ظنة وتهمة، حتى إن الرجل ليقال له: زنديق أو كافر، أحب إليه من أن يقال: شيعة علي، وحتى صار الرجل الذي يذكر بالخير - ولعله يكون ورعا صدوقا - يحدث بأحاديث عظيمة عجيبة، من تفضيل بعض من قد سلف من الولاة، ولم يخلق الله تعالى شيئا منها، ولا كانت ولا وقعت وهو يحسب أنها حق لكثرة من قد رواها ممن لم يعرف بكذب ولا بقلة ورع.
وقال أيضا في ج 13 ص 207: وروي أن بعض أصحاب أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام سأله عن قول الله عز وجل: (إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا). فقال عليه السلام: يوكل الله تعالى بأنبيائه ملائكة يحصون أعمالهم، ويؤدون إليه تبليغهم الرسالة، ووكل بمحمد صلى الله عليه وآله ملكا عظيما منذ فصل عن الرضاع يرشده إلى الخيرات ومكارم الأخلاق، ويصده عن الشر ومساوئ الأخلاق، وهو الذي كان يناديه: السلام عليك يا محمد يا رسول الله وهو شاب لم يبلغ درجة الرسالة بعد، فيظن أن ذلك من الحجر والأرض، فيتأمل فلا يرى شيئا.