العباس بن علي. ثم وقف ووقفوا أمام البيوت. وانحاز الحر بن يزيد الذي كان جعجع بالحسين إلى الحسين. فقال له: قد كان مني الذي كان وقد أتيتك مواسيا لك بنفسي، أفترى ذلك لي توبة مما كان مني؟ قال الحسين: نعم إنها لك توبة فأبشر فأنت الحر في الدنيا والحر في الآخرة إن شاء الله. ونادى عمر بن سعد مولاه زيدا أن قدم الراية فتقدم بها وشبت الحرب.
فلم يزل أصحاب الحسين يقاتلون ويقتلون حتى لم يبق معه غير أهل بيته. فكان أول من تقدم منهم، علي بن الحسين وهو علي الأكبر. فلم يزل يقاتل حتى قتل ثم قتل عبد الله بن مسلم بن عقيل رماه عمرو بن صبح الصيداوي فصرعه. ثم قتل عدي ابن عبد الله بن جعفر الطيار. قتله عمرو بن نهشل التميمي. ثم قتل عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب رماه لقيط بن ياسر الجهني بسهم فقتله. ثم قتل أبو بكر بن الحسن ابن علي، رماه عبد الله بن عقبة الغنوي بسهم فقتله.
ولما رأى ذلك العباس بن علي قال لإخوته عبد الله وجعفر وعثمان بني علي عليه السلام: تقدموا أنتم فحاموا عن سيدكم حتى تموتوا دونه. فتقدموا جميعا. فصاروا أمام الحسين يقونه بوجوههم ونحورهم. فحمل هانئ بن ثويب الحضرمي على عبد الله بن علي فقتله. ثم حمل على أخيه جعفر بن علي فقتله أيضا. ورمى يزيد الأصبحي عثمان بن علي بسهم فقتله ثم خرج إليه فاحتز رأسه فأتى عمر بن سعد، فقال له أثبني. فقال عمر: عليك بأميرك (يعني عبيد الله بن زياد) فسله أن يثيبك.
وبقي العباس بن علي قائما أمام الحسين يقاتل دونه ويميل معه حيث مال حتى قتل. وبقي الحسين وحده. فحمل عليه مالك بن سنان الكندي فضربه بالسيف على رأسه وعليه برنس خز فقطعه وأفضى السيف إلى رأسه فجرحه. فألقى الحسين البرنس ودعا بقلنسوة فلبسها ثم اعتم بعمامة وجلس. فدعا بصبي له صغير فأجلسه في حجره فرماه رجل من بني أسد وهو في حجر الحسين بمشقص (بنصل) فقتله.
وبقي الحسين مليا جالسا ولو شاؤوا أن يقتلوه، قتلوه. غير أن كل قبيلة كانت تتكل