بإهراقك دماء ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم ونجوم الأرض من آل عبد المطلب.. والله ما فريت إلا في جلدك. ولا حززت إلا في لحمك. وسترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم برغمك.. وسيعلم من بوأك ومكنك من رقاب المؤمنين إذا كان الحكم الله والخصم محمد صلى الله عليه وسلم، وجوارحك شاهدك عليك. فبئس للظالمين بدلا، أيكم شر مكانا وأضعف جندا. مع أني والله يا عدو الله وابن عدوه، أستصغر قدرك وأستعظم تقريعك. غير أن العيون عبرى والصدور حرى، وما يجزي ذلك أن يغني عنا، وقد قتل الحسين عليه السلام. وحزب الشيطان يقربنا إلى حزب السفهاء، ليعطوهم أموال الله على انتهاك محارم الله. فهذه الأيدي تنطف من دمائنا، وهذه الأفواه تتحلب من لحومنا. وتلك الجثث الزواكي بعتامها عسلان الفلوات. فلئن اتخذتنا مغنما لتتخذن مغرما حين لا تجد إلا ما قدمت يداك، تستصرخ بابن مرجانة، ويستصرخ بك. وتتعاوا وأتباعك عند الميزان. وقد وجدت أفضل زاد زودك معاوية - وهو - قتل ذرية محمد صلى الله عليه وسلم.
واستقبلت نساء أمية زينب بالبكاء والعويل. وأقيمت المناحة ثلاثة أيام. ثم جهزهم يزيد وأرسلهم إلى المدينة. وفي الطريق عرجوا على كربلاء. وكان قد مضى أربعون يوما على المذبحة. ولا تزال فيها أشلا مرمية تركتها الوحوش. وجددن المناحة هناك ثلاثة أيام أخرى. وحين دخل موكبهم إلى المدينة. علا البكاء والنواح من كل حدب وصوب.
ومنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى 711 ه في (مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر) (ج 26 ص 151 ط دار الفكر) قال:
لما أقبل وفد الكوفة برأس الحسين عليه السلام دخلوا مسجد دمشق، فقال لهم مروان بن الحكم: كيف صنعتم؟ قالوا: ورد علينا منهم ثمانية عشر رجلا فأتينا والله على آخرهم، وهذه الرؤوس والسبايا: فوثب مروان فانصرف. وأتاهم أخوه يحيى بن الحكم، فقال: ما صنعتم؟ فأعادوا عليه الكلام، فقال: حجبتم عن محمد يوم القيامة،