شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ٣٣ - الصفحة ٥٧٨
وسلم، وحديث عمرو بن دينار عن عكرمة أنه شق اسم حسين من حسن (1).
(١) قال الفاضل المعاصر الأستاذ عباس محمود العقاد في (المجموعة الكاملة - العبقريات الاسلامية) ج ٢ ص ٣١٥ ط دار الكتاب اللبناني - بيروت. عند ذكر بيت علي وفاطمة عليهما السلام:
وما لبث البيت الصغير أن سعد بالذرية وقد رزق الأبوان الفقيران نصيبا صالحا من البنين والبنات: الحسن والحسين ومحسن، وزينب وأم كلثوم.. وكان أسعد ما يسعدان به عطف الأب الأكبر الذي كان يواليهم به جميعا ولا يصرفه عنه شاغل من شواغله الجسام في محتدم الدعوة والجهاد، وقد أوشكت كل كلمة قالها في تدليل كل وليد أو الترحيب به أن تصبح تاريخا محفوظا في الصدور والأوراق.
فلما ولد الحسن سماه والداه حربا فجاء رسول الله فقال: أروني ابني ما سميتموه؟ قالوا: حرب!
قال: بل هو حسن، وهكذا عند مولد الحسين، وعند مولد المحسن، وقد مات وهو صغير [وهو سقط جنينا - روى ابن شهرآشوب في (المناقب) ج ٣ ص ٣٥٨ عن كتاب معارف القتيبي: إن محسنا فسد من زخم قنفذ العدوي. وراجعت على كتاب (المعارف) ولم أعثر عليه ولعله من جملة ما أغارت عليه يد الخونة الظلمة].
وكان يدلل الطفل منهم ويستدرجه، فربما شوهد وهو يعلو بقدمه الصغيرة حتى يبلغ بها صدر النبي، والنبي يرقصه ويستأنسه ويداعب صغره وقصره بكلمات حفظها الأبوان، ولم يلبث أن حفظها المشرقان.. حزقه.. حزقه.. ترقه.. ترق عين بقه.
وربما شوهد النبي عليه السلام ساجدا وطفل من هؤلاء الأطفال راكب على كتفيه، فيتأنى في صلاته ويطيل السجدة لكيلا يزحزحه عن مركبه، وفي إحدى هذه السجدات يقول عمر بن الخطاب للطفل السعيد: نعم المطية مطيتك!..
بل ربما كان على المنبر، فيقبل الحسن والحسين يمشيان ويتعثران، فيسبقه حنانه إليهما وينزل من المنبر ليحملها، وهو يقول: صدق الله العظيم! (إنما أموالكم وأولادكم فتنة!). وكان إذا سمع أحدهما يبكي نادى فاطمة وقال لها: ما بكاء هذا الطفل؟.. ألا تعلمين أن بكاءه يؤذيني؟..
وقد جعل من عادته أن يبيت عندهم حينا بعد حين، ويتولى خدمة الأطفال بنفسه وأبواهم قاعدان. ففي إحدى هذه الليالي سمع الحسن يستسقي فقام صلوات الله عليه إلى قربة فجعل يعصرها في القدح، ثم جعل يعبعبه، فتناول الحسين فمنعه وبدأ بالحسن. قالت فاطمة: كأنه أحب إليك؟ قال: إنما استسقى أولا!
وقد يلفهم جميعا في برد واحد فيقول لهم: أنا وأنتم يوم القيامة في مكان واحد.. وكانت هذه الأبوة الكبيرة أعز عليهم جميعا من أبوة الأب الصغير. فكانت فاطمة تقول إذا رقصت طفلها:
وابأبي شبه النبي لست شبيها بعلي وكانوا يتغايرون على هذا تغاير المحبين، الذي يتنافسون على حب لا يمنع بعضهم بعضا أن يتنافسوا عليه.