والمختار لها سرعة اللحاق بك. قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، وقل عنها تجلدي، إلا أن لي التأسي بسنتك، وفي فرقتك موضع تعز. إنا لله وإنا إليه راجعون، قد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء! يا رسول الله: أما حزني فسرمد، وما ليلي فمسهد، ولا يبرح ذلك من قلبي حتى يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم. كمد مبرح وهم مهيج! سرعان ما فرق بيننا يا رسول الله! فبعين الله تدفن ابنتك سرا، ويهتضم حقها قهرا، ويمنع إرثها جهرا.
ولم يطل منك العهد، ولم يخلق منك الذكر.. فإلى الله المشتكى وفيك أجمل العزاء وصلوات الله عليك وعليها ورحمة الله وبركاته.
وعاد إلى داره وحيدا، مع أحزانه، يواسي صغاره: الحسن والحسين وزينب.
ومنهم السيد رفاعة رافع الطهطاوي في (نهاية الايجاز في سيرة ساكن الحجاز صلى الله عليه وآله) (ج 2 ص 245 ط مكتبة الآداب ومطبعتها بالجماميز) قال:
وقد عاشت فاطمة رضي الله تعالى عنها بعده صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، فما ضحكت تلك المدة. وقال علماء السير: لما دفنها علي وقف على قبرها، وبكى، وقال: فذكر البيتين مثل ما مر عن ابن عبد ربه.
ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا في (الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين) (ص 26 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال:
وروي أن عليا رضي الله عنه قال عند دفن فاطمة، كالمناجي به رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قبره: السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك النازلة في جوارك والسريعة اللحاق بك. قل يا رسول الله عن صفيتك صبري، ورق عنها تجلدي، إلا أن لي في التأسي بعظيم فرقتك وفادح مصيبتك موضع تعز، فلقد وسدتك في ملحودة قبرك، وفاضت بين نحري وصدري نفسك، فإنا لله وإنا إليه راجعون فلقد استرجعت الوديعة وأخذت الرهينة. أما حزني فسرمد، وأما ليلي