فقال عمر: أمرت به إلى السجن فرددتموه!
فقالوا: يا أمير المؤمنين، أمرنا برده علي بن أبي طالب، وقد قلت: لا تعصوا لعلي أمرا.
فبينا هم كذلك إذ أقبل أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: علي بأم الغلام، فأتوا بها، فقال: يا غلام، ما تقول؟
فأعاد الكلام.
فقال علي (عليه السلام) لعمر: أتأذن لي أن أقضي بينهم؟
فقال عمر: يا سبحان الله! وكيف لا وقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول:
أعلمكم علي بن أبي طالب؟!
ثم قال (عليه السلام) للمرأة: يا هذه، ألك شهود؟
قالت: نعم، فتقدم الأربعون القسامة فشهدوا بالشهادة الأولى.
فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): والله لأقضين اليوم بينكما بقضية هي مرضاة للرب من فوق عرشه علمنيها حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثم قال (عليه السلام): ألك ولي؟
قالت: نعم، هؤلاء إخوتي.
فقال لهم: أمري فيكم وفيها جائز؟
قالوا: نعم، يا ابن عم محمد، أمرك فينا وفي أختنا جائز.
فقال علي (عليه السلام): أشهد الله، وأشهد رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومن حضر من المسلمين، أني قد زوجت هذه الجارية من هذا الغلام بأربعمائة درهم، والنقد من مالي، يا قنبر، علي بالدراهم، فأتاه قنبر بها، فصبها في حجر الغلام، فقال: خذها وصبها في حجر امرأتك، ولا تأتنا إلا وبك أثر العرس - يعني الغسل -.
فقام الغلام إلى المرأة فصب الدراهم في حجرها، ثم أخذ بيدها وقال لها:
قومي.
فنادت المرأة: الأمان الأمان، يا ابن عم محمد، تريد أن تزوجني من ولدي!