يا أمير المؤمنين، إن أرضنا أرض باردة شديدة المؤونة لا تحتمل الجيش، وأنا ضامن لخراج أرضي أحمله إليك في كل عام كملا. قال: وكان يقدم بالمال هو بنفسه معه أعوان له حتى يوفيه بيت المال ويكتب له عمر البراءة.
قال: فقدم الأسقف ذات يوم ومعه جماعة وكان شيخا جميلا مهيبا فدعاه عمر إلى الله وإلى رسوله و [إلى] ((1)) كتابه، وأنشأ يذكر له [فضل] ((2)) الإسلام وما يصير إليه المسلمون من النعيم والكرامة.
فقال الأسقف: أنتم ((3)) تقرأون في كتابكم * (وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) * ((4)) فأين تكون النار؟
فسكت عمر ونكس برأسه، فقال له علي (عليه السلام): أجب النصراني.
فقال: بل أجبه أنت [يا أبا الحسن] ((5)).
فقال له علي (عليه السلام): أنا أجيبك يا أسقف، أرأيت إذا جاء النهار أين يكون الليل؟ وإذا جاء الليل أين يكون النهار؟
فقال الأسقف: ما كنت أرى أن أحدا يجيبني في هذه المسألة! من هذا الفتى، يا عمر؟
قال: هذا علي بن أبي طالب ختن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) [وأخوه] ((6)) وابن عمه، وهو أبو الحسن والحسين.
قال المؤلف: قد يقال: إن السؤال مبني على أن الجنة والنار كلتاهما في السماء والأرض، فإذا كانت الجنة عرضها كعرض السماء والأرض فقد ملأتهما، فلم يبق مكان للنار، والجواب بأنه إذا جاء النهار أو الليل أين يكون الآخر لا يدفع