فقال له علي (عليه السلام): عرض عليك صاحبك أن تأخذ الثلاثة صلحا فقلت: لم أرض إلا بمر الحق ولا يجب لك بمر الحق إلا واحد.
فقال الرجل: فعرفني بالوجه في مر الحق حتى أقبله.
فقال علي (عليه السلام): أليس للثمانية الأرغفة أربعة وعشرون ثلثا أكلتموها وأنتم ثلاثة أنفس ولا يعلم الأكثر منكم أكلا ولا الأقل فتحملون في أكلكم على السواء.
قال: بلى.
قال: فأكلت أنت ثمانية أثلاث، وإنما لك تسعة أثلاث، وأكل صاحبك ثمانية أثلاث وله خمسة عشر ثلثا أكل منها ثمانية ويبقى له سبعة وأكل لك واحدا من تسعة فلك واحد بواحدك وله سبعة بسبعته.
فقال له الرجل: رضيت الآن. انتهى.
وفي كتاب عجائب أحكامه ((1)): قال: حدثني أبي - والقائل هو علي بن إبراهيم -، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الرحمان بن الحجاج، قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: قضى علي (عليه السلام) بقضية عجيبة، وذلك أنه اصطحب رجلان في سفر، فجلسا ليتغديا، فأخرج أحدهما خمسة أرغفة، وأخرج الآخر ثلاثة أرغفة، فمر بهما رجل فسلم عليهما، فقالا له: الغداء، فأكل معهما، فلما قام رمى إليهما بثمانية دراهم، وقال لهما: هذا عوض مما أكلت من طعامكما. فاختصما، فقال صاحب الثلاثة الأرغفة: هي نصفان بيننا، وقال الآخر: بل لي خمسة ولك ثلاثة.
فارتفعا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال لهما أمير المؤمنين (عليه السلام): إن هذا الأمر الذي أنتما فيه الصلح فيه أحسن.
فقال صاحب الثلاثة الأرغفة: لا أرضى - يا أمير المؤمنين - إلا بمر القضاء.
قال له أمير المؤمنين (عليه السلام): فإن لك في مر القضاء درهما واحدا، ولخصمك