وقد سقوا آبالهم بالنار * والنار قد تشفي من الأوار (1) وتصغيرها أبيلة أدخلوها الهاء كما قالوا غنيمة.
قلت: ومقتضاه أنه اسم جمع كغنم وبقر، وقد صرح به الجوهري وابن سيده والفارابي والزبيدي والزمخشري وأبو حيان وابن مالك وابن هشام وابن عصفور وابن إياز والأزهري وابن فارس، قال شيخنا: وقد حرر الكلام فيه الشهاب الفيومي في المصباح أخذا من كلام أستاذه الشيخ أبي حيان فقال: الإبل: اسم جمع لا واحد لها من لفظها، وهي مؤنثة؛ لأن اسم الجمع الذي لا واحد له من لفظه إذا كان لما لا يعقل يلزمه التأنيث، وتدخله الهاء إذا صغر نحو أبيلة وغنيمة، قال شيخنا: واحترز بما لا يعقل عما إذا كانت للعاقل، كقوم ورهط فإنها تصغر بغير هاء، فتقول في قوم: قويم، وفي رهط رهيط، قال: وظاهر كلامه أن جميع أسماء الجموع التي لما لا يعقل تؤنث، وفيها تفصيل ذكره الشيخ ابن هشام تبعا للشيخ ابن مالك في مصنفاتهما. وقال أبو عمرو في قوله تعالى: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت) (2) الإبل: السحاب الذي يحمل ماء المطر وهو مجاز، وقال أبو عمرو بن العلاء: من قرأها بالتخفيف أراد به البعير؛ لأنه من ذوات الأربع يبرك فتحمل عليه الحمولة، وغيره من ذوات الأربع لا تحمل عليه إلا وهو قائم، ومن قرأها بالتثقيل قال: الإبل: السحاب التي تحمل الماء للمطر، فتأمل.
ويقال: إبلان قال سيبويه: لأن إبلا اسم لم يكسر عليه وإنما هما للقطيعين من الإبل قال أبو الحسن: إنما ذهب سيبويه إلى الإيناس بتثنية الأسماء الدالة على الجمع، فهو يوجهها إلى لفظ الآحاد، ولذلك قال: إنما يريدون القطيعين، قال: والعرب تقول إنه ليروح على فلان إبلان؛ إذا راحت إبل مع راع وإبل مع راع آخر. وأنشد أبو زيد في نوادره: لشعبة بن قمير:
هما إبلان فيهما ما علمتما * فعن آية ما شئتم فتنكبوا وقال المساور بن هند:
إذا جارة شلت لسعد بن مالك * لها إبل شلت لها إبلان وقال ابن عباد: فلان له إبل، أي: له مائة من الإبل، وإبلان: مائتان، وقال غيره: أقل ما يقع عليه اسم الإبل الصرمة، وهي التي جاوزت الذود إلى ثلاثين، ثم الهجمة (3)، ثم هنيدة: مائة منها. وتأبل إبلا: اتخذها كتغنم غنما اتخذ الغنم، نقله أبو زيد سماعا عن رجل من بني كلاب اسمه رداد. وأبل الرجل كضرب: كثرت إبله كأبل تأبيلا، وقال طفيل:
فأبل واسترخى به الخطب بعدما * أساف ولولا سعينا لم يؤبل (4) نقله الفراء وابن فارس في المجمل. وآبل إيبالا. وأبل يأبل أبلا: إذا غلب وامتنع عن كراع كأبل تأبيلا، والمعروف أبل. وأبلت الإبل (5) والوحش تأبل وتأبل من حدي نصر وضرب أبلا بالفتح وأبولا بالضم: جزأت عن الماء بالرطب قال لبيد رضي الله عنه:
وإذا حركت غرزي أجمرت * قرابي عدو جون قد أبل (6) كأبلت كسمعت وتأبلت وهذه عن الزمخشري، قال: وهو مجاز، ومنه قيل للراهب: الأبيل. الواحد إبل أبال ككافر وكفار. أو أبلت الإبل تأبل: إذا هملت فغابت وليس معها راع أو تأبدت أي توحشت. ومن المجاز: أبل الرجل عن امرأته: إذا امتنع عن غشيانها، كتأبل، ومنه حديث وهب بن منبه: لقد تأبل آدم عليه السلام (7) على ابنه المقتول كذا وكذا عاما لا يصيب حواء أي امتنع من غشيانها متفجعا على ابنه فعدي بعلى؛ لتضمنه معنى تفجع. ومن المجاز: أبل يأبل أبلا: إذا نسك. وأبل بالعصا: ضرب بها عن ابن عباد. وأبلت الإبل أبولا كقعود: أقامت بالمكان قال أبو ذؤيب: