جعل يفعل كذا أي أقبل وأخذ، وهو بمعنى التوجه والشروع في الشيء والاشتغال به. ويكون جعل بمعنى سمى، ومنه قوله تعالى: (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا) (1): أي سموهم، وقيل: وصفوهم بذلك وحكموا به، كما يقال: جعل فلان زيدا أعلم الناس. أو بمعنى الاعتقاد، كقوله تعالى: (ويجعلون لله البنات) (2)، ويكون بمعنى التبيين ومنه قوله تعالى: (إنا جعلناه قرآنا عربيا) (3) أي بيناه، وقيل: معناه: قلناه وأنزلناه. ويكون بمعنى الخلق والإيجاد، فيتعدى إلى مفعول واحد، ومنه قوله تعالى: (وجعل الظلمات والنور) (4): أي خلقها، وقوله تعالى: (وجعلنا من الماء كل شيء حي) (5) وقوله تعالى: (وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة) (6). ويكون بمعنى التشريف نحو قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) (7) أي شرفناكم، وقيل: سميناكم، وكذا قوله تعالى: (جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما) (8). يكون بمعنى التبديل نحو قوله تعالى: (فجعلنا عاليها سافلها) (9)، وكذا قوله تعالى: (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) (10)، ويكون بمعنى الحكم الشرعي كقول الشارع: جعل الله الصلوات المفروضات خمسا أي حكم به، ويكون بمعنى التحكم البدعي كقوله تعالى: (الذين جعلوا القرآن عضين) (11).
وقال الراغب: قد يكون الجعل بمعنى الحكم بالشيء على الشيء، حقا كان أو باطلا، فأما الحق نحو قوله تعالى: (إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين) (12)، وأما الباطل فنحو قوله: (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا) (13)، (ويجعلون لله البنات)، (الذين جعلوا القرآن عضين) (14).
وقد تكون لازمة، وهي الداخلة في أفعال المقاربة فلا تتعدى كقوله:
وقد جعلت إذا ما قمت يثقلني * ثوبي فأنهض نهض الشارب الثمل وكذلك قول الشاعر:
وقد جعلت قلوص ابني سهيل * من الأكوار مرتعها قريب (15) وجعلت زيدا أخاك أي نسبته إليك.
وفاته الجعل بمعنى إيجاد الشيء من الشيء وتكوينه منه، نحو: (جعل لكم من أنفسكم أزواجا) (16) وقوله: (وجعل لكم من الجبال أكنانا) (12)، (وجعل لكم فيها سبلا) (18). وبمعنى تصيير الشيء على حالة دون حالة، نحو: (الذي جعل لكم الأرض فراشا) (19) (وجعل لكم مما خلق ظلالا) (20)، (وجعل القمر فيهن نورا) (21)، قيل: ومنه قوله تعالى: (إنا جعلناه قرآنا عربيا).
ويكون بمعنى التسوية والتهيئة: (ألم نجعل له عينين) (22)، (يجعل له مخرجا) (23) و (يجعل له من أمره يسرا) (24).