وظاهر الشهيد الأول (قدس سره) أيضا ذلك كما عن القواعد () بقرينة قوله: وسائر العقود. وأيضا ظاهره تصرف الشارع في العقود أيضا، بمعنى استعماله لها في غير المعاني اللغوية وابتناء النزاع عليه وقد عرفت ما فيه ().
ثم إن النزاع مع قطع النظر عن تصرف الشارع بالنحو المذكور إنما يتصور بأن يقال: إن تلك الألفاظ موضوعة لغة أو عرفا للأفعال المفيدة للأثر فيقال: إن البيع مثلا هل هو موضوع لغة أو عرفا لإيجاب وقبول يترتب عليهما الانتقال أو للأعم منه سواء بحكم العرف أو بحكم الشارع.
وبعبارة أخرى: إنه موضوع لما يفيد هذا الأثر بحكم حاكم، أو للأعم إلا أن الحاكم قد يكون العرف، وقد يكون الشارع، فحينئذ على القول بوضعه للصحيح يختلف صدقه بالنسبة إلى المصاديق، فلو فرضنا فردا من البيع يكون صحيحا عند العرف بمقتضى بنائهم، وفاسدا بمقتضى نهي الشارع واستعمله المتشرعة فيه، فإن كان المستعمل تابعا للعرف في البناء على ترتيب هذا الأثر عليه، فيكون استعماله فيه حقيقة، وإن كان تابعا للشارع فيكون استعماله فيه مجازا حيث إنه باعتقاده استعمل اللفظ فيما يترتب عليه الأثر.
نعم لما كان ظاهر حال المتشرعة تبعيتهم للشارع، فإذا استعملوه ينصرف إلى الصحيح عند الشارع، كما أن غير المتشرعة لو استعملوه ينصرف إلى ما هو صحيح بمقتضى بنائهم، لظهور حاله في تبعيته لقبيله.
وكيف كان، فلا يصح في الفرض المذكور جعل النزاع في أنها موضوعة للصحيح عند الشارع، فإن أهل اللغة والعرف المتقدمين على زمن الشارع لم يكونوا يعرفون ما عنده حتى يضعوها بإزائه، بل الموضوع عندهم حينئذ هو المفهوم العام، أعني ما يترتب عليه الأثر، ويكون مصاديقه ما هو المتعارف عندهم، ولو حكم الشارع بعد بصحة فرد آخر غير ما هو عندهم، فليس هذا تصرفا منه في وضع اللفظ، بل إنما هو إحداث مصداق لمفهومه، فيطلق اللفظ عليه حقيقة حينئذ.