مرجحات بحسب النوع، فالأحوال الراجحة بسببها على غيرها إنما يؤخذ بمقتضاها ما لم يكن مرجح شخصي للحالة المرجوحة في خصوص المورد، وأما إذا كان لها مرجح شخصي يرجحها على الحالة الراجحة بحسب النوع، كما إذا دار الأمر بين التخصيص والمجاز - مع كون ذلك المجاز مجازا مشهورا - كما في قوله (يجوز إكرام العلماء، ولا تكرم زيدا العالم) وفرضنا كون النهي مجازا مشهورا في الكراهة، فدار الأمر بين التجوز في النهي، أو تخصيص العام بإخراج زيد منه، وغير ذلك من المرجحات الشخصية، كما إذا دار الأمر بين تخصيص الأكثر - على القول بجوازه - وبين التجوز، كما إذا قال (يجوز إكرام العلماء، ولا تكرم الفساق منهم) وفرضنا كون الفساق أكثر أفراد العام فإن التخصيص، وإن كان بحسب النوع راجحا على المجاز، إلا أن هذا القسم منه مرجوح بالنسبة إليه، وكما إذا دار الأمر بين التخصيص - بإخراج فرد هو أليق لثبوت الحكم له - وبين التجوز، كما إذا قال (أكرم العلماء) فقام الدليل على عدم وجوب إكرام زيد العالم الذي هو أعلم وأتقى من غيره من العلماء، فدار الأمر بين التجوز في الأمر بحمله على الاستحباب، فلا تخصيص، أو تخصيص العام بإخراج زيد منه، وإبقاء الأمر على ظاهره، وغير ذلك من الخصوصيات اللاحقة لخصوص المورد، الموهنة للمرجحات النوعية.
فالأقوى حينئذ التفصيل، بأنه إن كان ذلك المرجح الشخصي بحيث يوجب ظهور اللفظ في مقتضى الحالة المرجوحة، بحيث يعد اللفظ بسببه من الظواهر العرفية في ذلك المعنى، فلا شبهة في وجوب الأخذ به، لدخوله في مطلق الظهور اللفظي الذي قام الأدلة القطعية على اعتباره، كما في تعارض المجاز المشهور مع التخصيص - على غير مذهب أبي حنيفة - إذ حينئذ لا بد من الأخذ بالعموم وارتكاب التجوز.
أما على مذهب أبي يونس، فواضح، حيث إنه مع قطع النظر عن الدوران يحمله على المعنى المجازي، فكيف بصورة التعارض.
وأما على مذهب المشهور - القائلين بالتوقف فيه عند عدم الدوران - فلأن أصالة الحقيقة في اللفظ الذي صار مجازا مشهورا - بسبب مزاحمة الشهرة - قد زالت عن القوة، فلا يمكن معارضتها لأصالة الحقيقة في العام، فأصالة العموم سليمة عن المعارض، فحينئذ يجب الأخذ بها، ولازم كونها معتبرة كونها بيانا للفظ الذي صار مجملا بسبب مزاحمة الشهرة لأصالة الحقيقة فيه حيث أن الأصول اللفظية أمارات، فهي