بالغلبة في مقام التعيين، كما يستفاد من المحقق القمي () (قدس سره) وإن كان ظاهر كلامه عدم ظهور الخلاف، لكن التأمل يشهد بأن مراده الإجماع.
وإن أبي السيد ذلك - أيضا - نقول: قد قام الإجماع على العمل بأقوى الدليلين، ولا يخفى أنه إذا تعارض الأصول في الدورانات فالغلبة موجبة لقوة ذيها على غيره.
وإن أبى عن ذلك - أيضا - نقول: إنه لا ريب أن تعارض الأحوال مرجعه إلى تعارض الأصول، ولا يخفى أنه إذا كان أحد الأصلين سببيا يجب الأخذ بمؤداه، لكونه مزيلا لصاحبه، وفي الحقيقة هذه الصورة خارجة عن صور التعارض.
وإن لم يكن أحدهما سببيا، وتحقق التعارض بينهما، فلا بد من التمشي بقاعدة التعارض، فنقول: إن الأصل عند تكافؤ أصلين من هذه الأصول إما التخيير، كما في صورة تكافؤ الأدلة، وإما التوقف.
فعلى الأول: لا شبهة في وجوب الأخذ بذي المزية لأنه الأصل حينئذ فإن التخيير إن كان شرعيا فلا يشمل أدلته لصورة وجود المرجح، وإن كان عقليا لا يحكم العقل به - حينئذ - فيتعين الأخذ بالراجح.
وكيف كان، فوجوب الأخذ بالمرجح حينئذ موافق للأصل - أعني القاعدة العقلية - لا يحتاج ثبوته إلى دليل، وقولهم: إن المرجح كالدليل إنما هو بالنظر إلى الصورة الثانية.
وأما على الثاني: فثبوت الترجيح والتعويل عليه، وإن كان محتاجا إلى الدليل - كما في تعارض الأدلة - إلا أن الأخذ بالأصل المطابق للغلبة حينئذ واجب، لكن لا من حيث حجية الغلبة ووجوب الأخذ بها، بل لأن اعتبار الأصول العدمية الجارية في باب الألفاظ - كما مر بيانه سابقا في مبحث العلائم - إنما هو بملاحظة الغلبة، حيث إنها أصول عقلائية، ولا يعقل تعبدهم بمجرد الشك، بل عملهم في أمورهم إلى الغلبة، فمناط عملهم بالأصول المذكورة إنما هو وجود الغلبة في مجاريها، فتعارض تلك الأصول يرجع إلى تعارض الغلبتين، فإذا فرضنا وجود الغلبة الشخصية في مجرى أحدهما - أي أحد الأصلين المتعارضين - فالغلبة النوعية الموجودة في مجرى الآخر مزاحمة بتلك الغلبة الشخصية، فإذا زوحمت هذه بتلك، فتسقط عن الاعتبار قطعا، فيبقى