واحد منهما، فلا يجوز الاستدلال به حينئذ، لا على صحته، ولا على فساده، بخلاف الأول، إذ عليه يكون دليلا على فساده.
هذا، وفي التمسك به لما نحن فيه نظر، لأن الشك في التخصيص مسبب عن الشك في الإضمار، فبأصالة عدم الإضمار يتعين التخصيص، فيخرج عن محل الكلام، لما عرفت في أول عنوان تعارض الأحوال أن النزاع فيما لم يكن بين حالين من الأحوال المخالفة للأصل تسبيب.
ومن هنا يظهر ورود هذا الإشكال في بعض الصور المتقدمة التي عرفت قاعدة التسبيب فيها.
لكن الإنصاف منع التسبيب هنا، بل الشك فيهما مسبب عن ثالث، وهو مراد المتكلم مع أنه يرد عليه عكس التسبب، إذ كما يقال: إن الشك في التخصيص مسبب عن الشك في الإضمار، كذلك يمكن أن يقال: بالعكس وليس الأصل أولى من العكس، فتدبر.
وكيف كان، فالظاهر رجحان التخصيص على الإضمار من غير توقف على رجحان المجاز عليه للغلبة، ولحكومة أصالة عدم الإضمار على أصالة العموم.
لكن قد يستشكل في ترجيحه على الإضمار في الحديث المذكور، نظرا إلى أنه مع الإضمار إنما ارتكب خلاف أصل واحد، ومع التخصيص، لا بد من التزام أمرين مخالفين للأصل لا محالة، أحدهما نفس التخصيص: والثاني أحد الأمور الثلاثة - على سبيل منع الخلو -: نقل الصيام إلى الصحيح شرعا، أو استعماله فيه مجازا، أو إضمار الصحة، وذلك لعدم حمله على معناه لغة، وهو مطلق الإمساك، إذ عليه لا يقبل التخصيص، للزوم الكذب، للقطع بعدم انتفاء مطلق الإمساك في الصيام الواجب الغير المنوي من الليل، فلا بد من إرجاع النفي إلى الصحة، إما بإضمارها في الكلام، وإما باستعمال الصيام في الصحيح مجازا، وإما باستعماله فيه من جهة كونه حقيقة شرعية، فيكون هذا إشكالا آخر على التمثيل بذلك الحديث، وكيف كان، فالقاعدة تقتضي رجحان الإضمار في الحديث.
ويمكن التفصي عنه، بأنه لو لم يكن غلبة للتخصيص، لكان الأمر كما ذكر، إلا أنها لما كانت موجودة، فتكون مرجحة للتخصيص، ولا يعارضها أصالة أحد الأمور الثلاثة المتقدمة، لأنها واردة عليها حيث إنها أمارة، وتلك من الأصول، فتأمل.